صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/74

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

-12- ولا شك أن المال عصب الحياة ، فالمشرف عليه مشرف على كل شيء . فتوفير المال لأداء الديون يتطلب الإشراف على جميع الإدارات التي تُعلّ المـال ، وهذه الإدارات تحصل المال من الفلاح، وتقول إنه لا بد أن يكون آمناً على ماله ، مهيأة له وسائل إصلاح زراعته ، يعامل بالعدل في تحصيل الضرائب منه ، فلا بد من الإشراف على هذه الشؤون كلها من أجل المال . وهكذا من أشرف على المال أشرف على كل شيء . كل هذا حدث مدة إقامة « جمال الدين » فى مصر، وكان الانغماس في السياسة، ونمى هذا الطبع فيه نشأته في بيت حكم ، وانغماسه فيها أيام تنازع الأسرة المالكة فى الأفغان ، فكانت هذه الأحداث المصرية حافزة له على أن يعيد ما بدأ به من الاشتغال بالسياسة، وحافزة للناس في مصر على أن يجاوبوا حركته .

من طبعه كان نشاطه التعليمى ذا شعبتين : دروس علمية منظمة يلقيها في بيته في «خان الخليلى » ، ودروس عملية يلقيها بين زوّاره في بيته وفى بيوت العظماء حين يرد زيارتهم ، وفى ( قهوة البوستة » بالقرب من ( العتبة الخضراء » ، وحينما كان في المجتمعات . فأما دروسه فى بيته ، فكان يلقيها على طائفة من مجاورى الأزهر وبعض علمائه ، أمثال الشيخ محمد عبده ، والشيخ عبد الكريم سلمان ، والشيخ إبراهيم اللقاني ، والشيخ سعد زغلول ، والشيخ إبراهيم الهلباوى . كان أكثر الكتب التي قرأها لهؤلاء وأمثالهم كتب منطق وفلسفة وتصوف وهيئة، مثل كتاب الزوراء للدوانى في التصوف ، وشرح القطب على الشمسية في المنطق ، والهداية ، والإشارات ، وحكمة العين ، وحكمة الإشراق