صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/78

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

MA- سبب فقرهم، ويحرضهم أن يخرجوا من الظلمات إلى النور، وألا يخشوا بأس الحاكم، فليست قوته إلا بهم ، ولا غناه إلا منهم ، وأن يلحوا في طلب حقوقهم المغصوبة ، وسعادتهم المسلوبة . فخرج على الناس بأدب جديد ينظر للشعب أكثر مما ينظر إلى الحاكم ، وينشد الحرية ، ويخلع العبودية ، ويفيض في حقوق الناس وواجبات الحاكم ، ويجعل من الأديب مشرقاً على الأمراء ، لا سائلا يمد يده للأغنياء . ، وهذه نغمة جديدة لم يعرفها المسلمون منذ عهد الاستبداد . إن أهالى مصر قال الشيخ محمد عبده في وصف حال مصر قبل مجيء ( جمال الدين ) : قبل سنة ۱۲۹٣ هـ كانوا يرون شئونهم العامة بل والخاصة ملكا لحاكهم الأعلى ومن يستئيبه عنه فى تدبير أمورهم ، يتصرف فيها حسب إرادته ؛ ويعتقدون أن سعادتهم وشقاءهم موكولان إلى أمانته وعدله ، أو خيانته وظلمه ، ولا يرى أحد منهم لنفسه رأياً يحق له أن يبديه في إدارة بلاده ، أو إرادة يتقدم بها إلى عمل من الأعمال يرى فيه صلاحاً لأمته ؛ ولا يعلمون من علاقة بينهم وبين الحكومة سوى أنهم مصرفون فيما تكلفهم الحكومة به و نضربه عليهم . وكانوا في غاية البعد عن معرفة ما عليه الأمم الأخرى سواء كانت إسلامية أو أوربية - ومع كثرة من ذهب منهم إلى أوروبا وتعلم فيها من عهد محمد على باشا الكبير إلى ذلك التاريخ، وذهاب العدد الكثير منهم إلى ما جاورهم من البلاد الإسلامية أيام محمد على باشا الكبير وإبرهيم باشا ، لم يشعر الأهالى بشيء من ثمرات تلك الأسفار ، ولا فوائد تلك المعارف . ومع أن إسماعيل أبدع مجلس الشورى فى مصر سنة ۱۲۸۳ ، وكان من حقه أن يعلم الأهالى أن لهم شأناً أعضاء في مصالح بلادهم، وأن لهم رأياً يُرجع إليه فيها ، لم يحس أحد منهم ولا من المجلس أنفسهم بأن له ذلك الحق الذى يقتضيه تشكيل هذه الهيئة الشورية ، لأن مُبدع المجلس قيده في النظام وفي العمل ، ولو حدث إنساناً فكره السليم بأن هناك