صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/79

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

-19- وجهة خير غير التي يوجهها إليها الحاكم لما أمكنه ذلك ؛ فإن بجانب كل لفظ نفياً عن الوطن ، أو إزهاقاً للروح ، أو تجريداً من المال ) . كان الأدب ظلا لهذا الموقف، وصورة صادقة لهذا المنظر ؛ فأدباء مصر أمثال السيد على أبي النصر ، والشيخ على الليثى ، وعبد الله باشا فكرى ، تتصفح آثارهم ، فماذا ترى ؟ غزلاً فى حبيب ، أو رسالة إلى صديق ، أو مدحاً لأمير ، أو استعطافاً له ، أو اعتذاراً إليه ، أو وصف سفينة ، أو شكراً على هدية . أما مصر وحالة شعبها ، وبؤس قومها، وظلم حكامها ، وحقوق الناس ، وواجبات الحكومة ، فلا تعثر منها على شيء . فلما جاء جمال الدين قلب هذا الوضع ، وفتح للناس منافذ للقول ، وسلك في ذلك مسالك مختلفة : 1 - كون جماعة من الكهول والشبان حبب إليهم الكتابة ورسم لهم خطنها ، وأوحى إليهم بالمعانى الجديدة التى يكتبونها ، وشجعهم على إنشاء الجرائد يكتب فيها ويستكتب منهم من توسم فيه المقدرة. مثال ذلك أنه شجع « أديب إسحق » - - بعد أن اتصل به اتصالا وثيقاً وتلمذ له طويلا - على أن ينشيء جريدة اسمها « ، وكان جمال الدين يرسم له خطة السير فيها ، ويكتب بنفسه بعض مقالاتها باسم مستعار هو مظهر بن وضاح » ، ثم أوعز إليه بالانتقال إلى الإسكندرية ، وأنشأ بها صحيفة يومية اسمها « التجارة ) ، وكان جمال الدين يستكتب لهاتين الصحيفتين الشيخ محمد عبده ، وإبرهيم اللقاني ، وأمثالهما ؛ هذا إلى ما يكتبه جمال الدين بنفسه . وكان مما كتبه مقالان أحدهما في الحكومات الشرقية وأنواعها ، والثاني سماه «روح البيان في الإنجليز والأفغان » كان لها صدى بعيد . ولقيت الصحيفتان رواجاً كبيراً ، ولفتت إليهما الأنظار بروحهما الجديد ، ثم أغلقهما ( رياض باشا ) . مصر