صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/82

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- VT = بياض نهاره فى داره حتى إذا جنّ الظلام خرج متوكئاً على عصاه إلى منهى قرب الأزبكية ، وجلس فى صدر فئة تتألف حوله على هيئة نصف دائرة ، ينتظم في سخطها (١) اللغوى والشاعر والمنطقى والطبيب والكيماوى والتاريخي والجغرافي والمهندس والطبيعي، فيتسابقون إلى إلقاء أدق المسائل عليه ، وبسط أعوص الأحاجي ) لديه ، فيحل عُقد إشكالها فردا فردا ، ويفتح أغلاق (۳) طلاسمها ورموزها واحداً واحداً ، بلسان عربي مبين لا يتلعم ولا يتردد بل يتدفق كالسيل من قريحة لا تعرف الكَلالَ ، فَيُدهش السامعين، ويفحم السائلين، وينكم المعترضين ، ولا يبرح هذا شأنه حتى يشتعل رأس الليل شيباً . . . فيقفل إلى داره بعد أن ينقد صاحب المقهى كل ما يترتب له في ذمة الداخلين في عداد ذلك الجمع الأنيق » . ويقول فى موضع آخر : «إنه فى خلال سنة ۱۸۷۸، زاد مركزه خطر آلأنه تدخل في السياسة ، وأخذ يقرب منه العوام ، ويقول لهم في أثناء كلامه ما معناه : « إنكم معاشر المصريين قد نشأتم فى الاستعباد، وريتم في حجر الاستبداد ، وتوالت عليكم قرون منذ زمن الملوك الرعاة حتى اليوم ، وأنتم تحملون عب، نیر (4) الفاتحين ، وتعنون (٥) لوطأة الغزاة الظالمين . تسومكم حكوماتكم الحيف والجور، وتُنزل بكم الخشف والذل، وأنتم صابر ون بل راضون ، وتستنزف قوام حياتكم - التي تجمعت بما يتعلب من عرق جباهكم - بالعصا والمقرعة والسوط ، وأنتم صامتون . فلو كان في عروقكم دم فيه كريات حيوية ، وفى ر، وسكم أعصاب تتأثر فتثير النخوة والحمية ، لما رضيتم بهذا الذل وهذه المسكنة تنا و بتكم أيدى الرعاة ثم اليونان والرومان والفرس ، ثم العرب والأكراد (1) السمط : العقد . (۲) الأحاجي : الألغاز. (۳) الأغلاق : الأقفال . (٤) النير : خشبة توضع على عنقى الثورين يقرنان بها ويساقان . (٥) تعنون : تخضعون .