صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/84

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- V- وهكذا نقدها فى عدم تدخلها فى السياسة ، وتنازع أعضائها على الرياسة ، ورغبتهم في إغماض أعينهم على ما يقع على الأمة من ظلم . وأخيراً استقال من هذا المحفل، وأنشأ محفلا آخر تابعاً للشرق الفرنسي ؛ وسرعان ما بلغ أعضاؤه أكثر من ثلثمائة عضو من نخبة المفكرين والناهضين المصريين ؛ وكان فى هذا المحفل مطلق الحرية، نظم شُعبه للأعمال المختلفة ؛ فشعبة للحقانية ، وأخرى للمالية ، وثالثة للأشغال ، ورابعة للجهادية . وهكذا لكل وزارة ومصلحة شعبة ، تدرس كل شعبة شؤون وزارتها أو مصلحتها، وتعرف ما يقع من الظلم ووجوه الإصلاح فيها، ثم كل شعبة تتصل بالوزير المختص وتبلغه رغباتها فى أسلوب حازم صريح . فكان لذلك هزة في الأندية والمجتمعات (1) . وهكذا اتسعت دائرة نفوذه وأعماله ، فقد بدأ يدرس في حجرة ، ثم أخذ يسيطر على عقول مستمعيه فى «قهوة»، ثم ما هو ذا يريد أن يسيطر على الوزارات ومصالح الحكومة بمحفله . وكان يدرّس فى بيته كتب الفلسفة والحكمة ، فإذا به في مجتمعاته ومنتدياته يشرح حالة الأمة الاجتماعية ، ويبين حقوقها وواجباتها ، ثم إذا به آخر الأمر يضع يده في صميم الحياة السياسية . خِلْقة فيه ظهرت منذ كان شاباً يلعب دوره في نصرة أمير على أمير في ولاية الأفغان ، لا يقنع حتى يتزعم ، ولا يهدأ حتى يضع يده على الأزرار التي تصرف الأمور، ولكنها أزرار مشحونة بالكهرباء مثيرة للاضطراب، هو لا يعبأ بها ولكنها على رغمه تنال منه . ماذا كان يريد السيد جمال الدين في مصر ؟ يريد في درسه النظامى توسيع عقول الطلبة ، وتفتيح آفاق جديدة في فهم (۱) خاطرات جمال الدين لمحمد باشا المخزوى .