صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/85

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

<-vo- العالم ، وتعليم الحرية فى البحث ، وإيجاد شخصيات من الطلبة تبحث وتنقد وتحكم ؛ خالفت النص أو وافقته ، خالفت المعروف المألوف أو وافقته . ويريد فى درسه العام أن يتحرر الشعب من العبودية للحكام ، ويفهموا موقفهم من الحاكم ، وموقف الحاكم منهم : كل يعرف حدوده و يؤدي واجبه ، فإذا تعدى الحاكم هذه الحدود قال له الشعب : « لا » بملء فيه - يريد تكوين رأى عام واسع الثقافة قوى حازم ، يفهم الأمور الداخلية والخارجية ، ويكون لكل ما يعرض من الحوادث العظام رأياً يقنعه ثم يفرضه على أولى الأمر حتى لا يتلاعبوا به ، يفهم أن من حقه أن يعيش عيشة صالحة ينعم بدخله وله غلة جهده ، فإذا أخذت الحكومة منه الضرائب فعلى قدر ما تستدعيه المصالح العامة لا الشهوات الشخصية، ولذلك كان من حقه الإشراف على وجوه الدخل والتخرج. ويريد في السياسة أن يقتنع الشعب بحقه في الحكم؛ فإذا فهم ذلك - وهذا ما عمله جمال الدين وصحبه - طالب بالمجلس النيابي ، فيُعطاه بناء على فهمه وطلبه وقدرته لا على أنه منحة تمنح له ، فإذا أعطيه بجهده كان أجدر بالمحافظة عليه ، وحرص عليه حرصه على دمه ، فاستقر وثبت ، ولم تستطع سلطة ما أن تلافيه أو تهمله. استدعاه الخديو توفيق باشا إلى قصر عابدين وقال له : « إنى أحب كل خير للمصريين ، ويسرني أن أرى بلادى وأبناءها في أعلى درجات الرقى والفلاح ؛ ولكن مع الأسف إن أكثر الشعب خامل جاهل ، لا يصلح أن يلقى عليه ما تلقونه من الدروس والأقوال المهيجة ، فيلقون أنفسهم والبلاد في تهلكة ». فأجاب جمال الدين : « ليسمح لى سمو أمير البلاد أن أقول بحرية وإخلاص . إن الشعب المصرى كسائر الشعوب لا يخلو من وجود الخامل والجاهل بين أفراده ، ولكنه غير محروم من وجود العالم والعاقل ، فبالنظر الذي تنظرون به إلى الشعب المصرى ينظر إليكم ، وإن قبلتم نصح هذا المخلص ، وأسرعتم في إشراك