صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/86

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

-17- الأمة فى حكم البلاد عن طريق الشورى ، فتأمرون بإجراء انتخابات نواب عن الأمة تَسُن القوانين وتنفذها باسمكم وإرادتكم، يكون ذلك أثبت لمرشكم وأدوم لسلطانكم » (۱) ثم خرج من عنده يخطب فى هذا الموضوع ، ويستحث تلاميذه وأعوانه على الكتابة فيه فى حماسة وقوة . لقد رأيناه أول عهده فى مصر يرى أن مجلس النواب لا قيمة له ما دام المصريون على ما هم عليه من قلة التنبه ، وضعف اليقظة ، وقلة الشجاعة ، ثم رأيناه آخر عهده يلح فى طلب الحكم النيابي ويحرض عليه . فلعله رأى من الأحداث واستبداد الحكام، ونضج الأمة فى السنين الثمانى ما غير رأيه وعدل خطته . لقد كان الأمير توفيق فى آخر أيام إسماعيل باشا يقدره ويدين بمبادئه ، وكان السيد يلتقى به فى المحفل الماسونى ، ويتوسم فيه الخير إذا ولى بعد إسماعيل ، ولكن الخديو توفيق لما تولى الحكم سعى إليه الساعون ، ودس له الدساسون ، فاجتمع مجلس الوزراء وقرر نفى السيد جمال الدين « لأنه رئيس جمعية سرية من الشبان D ذوى الطيش مجتمعة على فساد الدين والدنيا » ، فمثلت لنا من جديد رواية سقراط ، وقبض عليه وعلى خادمه الأمين الفيلسوف أبى تراب في ٦ رمضان سنة ١٢٩٦ ، ٢٤ أغسطس سنة ۱۸۷۱ ، وأودعا باخرة سارت بهما إلى بمباى . وكان هذا آخر العهد بالأستاذ فى مصر، وإن لم يكن آخر عهدها بآرائه ومبادئه . أقام السيد فى حيدر اباد فى الهند منفيا لا يُسمح له بمفارقتها ، ولا يستطيع أن يشترك فى عمل إلا حديثاً مع زائر ، أو قراءة في كتاب ، أو رداً على سؤال . وفي هذه المدة ألف كتابه المشهور فى « الرد على الدهر بين » وعنوانه «رسالة (۱) خاطرات جمال الدين .