صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/88

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

-VA- D ومذهب الماديين ؛ فترجم فى مصر « شبلي شميل ) مذهب بخير سنة ١٨٨٤ ، وأثار حركة كبيرة حوله . وفى الهند ظهرت طائفة تعتنق هذا المذهب وتسمى طائفة النيتشرية ( نسبة إلى نيتشر Nature ) وهى كلمة إنجليزية معناها الطبيعة ) وترددت هذه الكلمة وقرعت أسماع الكثيرين ، كما قرعت سمع جمال الدين أيام إقامته في حيدراباد ، وسأله الأستاذ محمد واصل مدرس الفنون الرياضية بمدرسة الأعرة بحيدر اباد في كتاب يقول فيه : « يقرع سمعنا في هذه الأيام صوت نيتشر » ، ويصل إلينا من جميع الأقطار الهندية ، ولا تخلو بلدة من جماعة يلقبون بهذا اللقب « نيتشرى » فما حقيقة النيتشرية وما مذهبهم ، وفى أى وقت ظهروا ؟ » . فكان من ذلك تأليف هذه الرسالة . ولكن ليس أقوم ما فيها الرد على داروين ، وإنما أقوم ما فيها إثبات قيمة الدين ، وضرورته للإنسان، وأثره في رقيه ، وأثر الإلحاد في انحطاطه . وهذا هو ما يبلغ فيه جمال الدين الذروة . وخلاصة رأيه فى هذا الموضوع أن الدين - على العموم - أكسب عقول البشر ثلاث عقائد ، وأودع نفوسهم ثلاث خصال ، كل منها ركن لوجود الأم . وعماد لبناء الهيئة الاجتماعية . العقيدة الأولى التصديق بأن الإنسان ملك أرضى وأنه أشرف المخلوقات ؛ والعقيدة الثانية يقين كل ذى دين أن أمته أشرف الأم ، وكل مخالف له فعلى ضلال و باطل ؛ والثالثة جزمه بأن الإنسان ورد هذه الدنيا لتحصيل كمال يهيئه للعروج إلى عالم أرفع وأوسع من هذا العالم الدنيوى ، والانتقال من دار ضيقة الساحات ، كثيرة المكروهات ، جديرة بأن تسمى « بيت الأحزان » إلى دار فسيحة الساحات ، خالية من المؤلمات ، لا تنقضى سعادتها ، ولا تنتهى مدتها . أما الخصال الثلاث فهي : الحياء والأمانة والصدق .