صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/89

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- ۷۹ - و يشرح أن هذه الأسس التي أتت بها الأديان هي علة العمران ، وعليها تتوقف سعادة الإنسان، وأن الماديين أو الدهر بين أو النيتشريين تؤدى تعاليمهم إلى إنكار هذه الأسس فتنزل الإنسان منزلة الحيوان ، وتفقده الباعث على الخير ، وتعده الحياة جامدة ضيقة جافة لا قلب لها ، ولا سمو فيها ، وفى هذا انتكاس ) لخلقه ، وهدم لكيانه ، وحرمان مما أعده الله له . (1) وفي الإسلام مزايا على سائر الأديان « أو لها : صقل العقول بصقال التوحيد ، وتطهرها من لوث (۳) الأوهام . فمن أهم أصوله الاعتقاد بأن الله منفرد بتصريف الأكوان متوحد فى خلق الأفعال ، وأن من الواجب طرح كل ظن في إنسان أو جماد - علويًا كان أو سُفْليًا - يكون له في الكون أثر من نفع أو خبر ، أو إعطاء أو منع ، أو إعزاز أو إذلال ... ؛ أو نحو ذلك من خرافات كل واحدة منها كافية في إعماء العقول وطمس أنوارها . وثانيها : أن الإسلام فتح أبواب الشرف للأنفس كلها ، وأثبت لكل نفس الحق في السمو ... ومحق امتياز الأجناس ، وتفاضل الأصناف ؛ وقوم الناس بالكمال العقلى والنفسى ؛ فالناس إنما يتفاضلون بالعقل والفضيلة لا بأى شىء آخر . وقد لا نجد من الأديان الأخرى ما يجمع أطراف هذه القاعدة . وثالثها : أن الإسلام يكاد يكون منفرداً بين الأديان بتقريع المعتقدين بلا دليل ، وتوبيخ المتبعين للظنون ... فهو كلما خاطب ، خاطب العقل ، وكلما احتكم ، احتكم إلى العقل ؛ تنطق نصوصه بأن السعادة من نتائج العقل والبصيرة . وأن الشقاء والضلالة من لواحق الغفلة وإهمال العقل ، وانطفاء نور البصيرة . ورابعها : أن الإسلام أوجب تعليم سائر الأمة وتنوير عقولها بالمعارف والعلوم ، (1) انتكاس : انقلاب . (۲) اللوث : الشوب والتلويث .