صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/94

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

A- بين العلماء بعضهم وبعض ، ولا بين العلماء والأمراء ، ومنها أن الدين الإسلامي جعل أمته أمة مجاهدة قوية محاربة ، يأمرها الله بقوله : « وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوة » فلما استهانت بهذا الأمر ، ولم تُعد لكل موقف عدته ، ذلت بعد عزة وضعفت بعد قوة . وكان يختار بعض هذه الأسباب ويوسعها تفصيلا ، أو يفردها في مقال ، كما فعل في مقال القضاء والقدر، وكان من عادته أن يلهب النفوس بأسواط التقريع ثم يدخل الأمل عليها بأن هذه عوارض يمكن أن تزول ما سلم الأصل ، مذكراً دائماً بحالة المسلمين فى العهد الأول ، وعزتهم الأولى . وكان مثله الأعلى كذلك حكومة إسلامية واحدة تأتم بالإسلام وتعاليمه ، ولما رأى أن ليس فى الإمكان خضوعها لأمير واحد اكتفى بالدعوة إلى أن ترتبط أجزاؤها بروابط محكمة ، ويكون لها مقصد واحد ، وتحكم الأقطار كلها بحكومات إمامها القرآن ، وأساسها العدل والشورى ، واختيار خير الناس لتولى الأمور . يقول في ذلك بعد أن دعا إلى اتفاق الأم الإسلامية : « لا ألتمس يقولى هذا أن يكون مالك الأمر فى الجميع شخصاً واحداً، فإن هذا ربما يكون عسيراً ، ولكني أرجو أن يكون سلطان جميعهم القرآن ، ووجهة وحدتهم الدين ، وكل ذى ملك على ملكه يسعى بجهده لحفظ الآخرين ما استطاع ، فإن حياته بحياتهم و بقاءه ببقائهم . وكثيراً ما كان يضرب المثل بالإمارات الجرمانية في توحدها بعد تشتتها ، ويدعو إلى حلف بين الدول الإسلامية يتزعمه أكبرها وأقواها . وخَشِيَ أن هذا النظام الذى يدعو إليه يثير الشقاق بين المسلمين وغيرهم من أهل الديانات الأخرى فى الأقطار الإسلامية ، فقال : « لا يظن أحد من الناس أن جريدتنا هذه - بتخصيصها المسلمين بالذكر أحياناً ومدافعتها عن حقوقهم - تقصد الشقاق بينهم وبين من يجاورهم فى أوطانهم ، ويتفق معهم في مصالح x