الأول ولا سيما لكثرة ما فيها من الحوادث التي عالجها ونجح مجتنباً كل علاج لم يتأكد فعلهُ بالتجربة. وبقي جرَّاحاً للملك مع أنهُ كان بروتسطنتي المذهب. ونَجَّاهُ الملك كارلس التاسع من القتل في مذبحة مار برثلماوس لأنهُ كان قد شفاهُ من جرحٍ مميت أوقعهُ بهِ جرَّاحٌ غبي في فصدهِ إياهُ. وقد ذكر برَنْتُوم في كتاب السِّيَر قصة إنقاذ الملك لباري من مذبحة مار برثلماوس فقال إن الملك أرسل فدعاهُ إليهِ وأبقاهُ معهُ الليل كلهُ قائلًا إنهُ ليس من العدل أنْ يُقتل إنسان قد خلَّص حياة كثيرين. فنجا من أهوال تلك الليلة الرهيبة وعاش بعدها سنين عديدة ومات حتف أنفهِ بشيبة صالحة وإكرام يليق بمثلهِ
ومن الذين اشتغلوا بلا ملل في ترقية صناعة الطب هارڤي الشهير مكتشف دورة الدم فإنهُ بحث وامتحن ثماني سنوات قبلما أشهر هذا الاكتشاف. وقد أشهرهُ على أسلوب بسيط مقنع ولكنهُ عومل بكل نوع من الإهانة والاحتقار وبقي وقتاً طويلًا ولم يصادف إنساناً يختم على صدق مقالهِ بل كان الجميع يزعمون أنهُ جاءَ أمراً فريًّا مناقضاً آراءَ الأوائل والكتاب المقدس والديانة والآداب ورماهُ البعض بالجنون والخداع وهجرهُ أصحابهُ وخلَّانهُ وآل حالهُ إلى اسوإِ الأحوال ولكن هذا الحق المبين الذي دافع عنهُ سنين عديدة دخل بعض العقول وأينع فيها ولم يمض عليهِ إلَّا خمس وعشرون سنة حتى عُدَّ من أثبت الحقائق الطبية
والمصاعب التي قاساها الطبيب إدورد جنَّر مكتشف تطعيم الجدري كانت أشد من المصاعب التي قاساها الدكتور هارڤي وهاك طرفاً من سيرتهِ
لا بد من أنَّ كثيرين شاهدوا جدري البقر قبل هارڤي وسمعوا الكلام الجاري على ألسنة الحلَّابات وهو أنَّ الذي يُجدَّر بجدري البقر يسلم من الجدري العادي ولكنهم عدوهُ إشاعة كاذبة وما منهم من