لما رأى وجهه قد انحرف وهو على فراش الموت أشار إلى الحاضرين وقال إنَّ هذا برهان قاطع على صدق مذهب السر تشارلس بل.
ومن الذين يجب ذكرهم في هذا المقام الطبيب مرشَل هُل فإن هذا الفاضل مارس صناعة الطب بنشاط وأمانة وكان يبحث في أسرارها ويتعمق في غوامضها باجتهاد لا يفوقهُ اجتهاد منتبهاً لكلِّ حادثة مهما كانت طفيفة. والاكتشاف العظيم الذي اكتشفه وخلَّد بهِ اسمهُ بين رجال العلم وهو الفعل العصبي المنعكس نبهتهُ إليهِ أسباب بسيطة لأنهُ كان مرة يمتحن الدورة الرئوية في في عظاية من نوع السمندل فقطع رأسها ونزع ذنبها ووكزها بالصدفة في غشائها الخارجي. فتحركت وتلوَّت مرات كثيرة ولم يكن قد لمس عضلة ولا أعصاباً عضلية. ويحتمل أنَّ كثيرين شاهدوا هذه الحادثة قبلهُ ولكنهُ كان أول من نظر إليها نظر الخبير المدقق وأخذ من تلك الساعة يجرب ويمتحن عساهُ أنْ يعرف سبب هذه الحركة. ويقال إنهُ أقام أكثر من خمسة وعشرين ألف ساعة باحثاً في هذا الموضوع حتى عرفهُ تماماً وكان في ذلك الوقت يطبب ويُدَرِّس في مستشفى مار توما وفي مدارس أخرى طبية. ومن العجيب أنَّ الجمعية الملكية رفضت التسليم باكتشافهِ هذا ولم تسلم بهِ إلَّا بعد مضي سبع عشرة سنة حينما قُبل في كلِّ الأقطار.
وممَّن هم مثال للاجتهاد والمواظبة أيضاً السر وليم هرشل الألماني الشهير الأصل. كان أبوهُ موسيقياً فقير الحال ولهُ أربعة بنين علمهم حرفتهُ فأتى أحدهم وليم إلى إنكلترا في طلب رزق وانتظم في جوقة فرقة حربية وفي أحد الأيام مرَّ به الدكتور ملر فسمعهُ يغني على الكمنجة فأعجبهُ غناؤة وتحدث معه مدةً فَسُرَّ بحديثهِ وطلب إليهِ أنْ يقيم في بيته فأجابهُ إلى طلبهِ وكان في بيتهِ مدة وهو يستغنم كلَّ فرصة للدرس في كتب ذلك الدكتور وحينئذ صُنع أرغنٌ لكنيسة هليفكس وطُلب له موسيقي يعزف عليهِ فوقع الانتخاب علي هرشل