صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/12

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٤
الفصل الأول

نتركهُ لخلفائنا كما تُرك لنا بل أنْ نجدَّ ونسعى في توطيده وتهذيبه كما فعل من تقدَّمنا.

الاعتماد على النفس من أخص ما يوصف به الشعب الإنكليزي وعليهِ تتوقف قوتهُ كشعب. فإذا التفتنا إلى الخاصَّة منه رأينا أنهُ قد قام من بينهم أناس فاقوا مَن سواهم فاستحقوا الإكرام من الجميع. ولكن لم يتوقف تقدُّم البلاد الإنكليزية على هؤلاء الأفراد القلائل بل شاركهم فيهِ أناس دونهم رتبةً أي على أشخاص من العامَّة قلَّ ما يُعرف عنهم. ألا ترى أنَّ مَن يذكر خبر انتصار جيش في واقعة من وقائع الحرب يقتصر على ذكر قواد الجيش مع أنَّ النصر تمَّ على يد آحادهِ. كذلك في هذه الحياة التي هي أشبه شيء بدار حربٍ دائمةٍ الاسمُ فيها لأُولِي المقام السامي. ولكنَّ في زوايا النسيان رجالًا لا يحصى عددهم كانوا وسائط فعَّالة في إيجاد العمران ورفع شأن الشعوب وهم أكثر عدداً من الذين أنصف التاريخُ فذَكَرَهم. بل يمكننا أنْ نقول إنَّ كلَّ مَن كان قدوةً لغيرهِ في الاجتهاد والنزاهة والاستقامة لهُ يد في خير البلاد الحاضر والمستقبل وحياتهُ مثال يَقتدي بهِ معاصروهُ وخلفاؤهم جيلاً بعد جيل.

والاختبار اليومي شاهد بأن قدوة المجتهدين تؤثِّر في غيرهم تأثيراً كبيراً يفوق تأثير العلوم. بل ما من علم يؤثِّر في حياة الإنسان مثل العلم الذي يراهُ يوميًّا في البيوت والشوارع والحقول والمعامل. هذه هي العلوم الانتهائية التي يجب على كل أحد أنْ يتقنها لكي يحق لهُ الدخول في الهيئة الاجتماعية. هذه هي العلوم التي سمَّاها شِلر علوم الجنس البشري. وهي تقوم بالعمل والسلوك والتهذيب والطاعة أو بكل ما يؤهل الإنسان لتعاطي أعمال الحياة. وهذه العلوم لا تُحصَّل في المدارس ولا ترى في الكتب. وما أحسن ما قالهُ الشهير باكون وهو: «إنَّ جُلَّ فائدة العلوم أنْ تُرشِد الإنسان إلى حكمة فوقها لا