صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/13

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٥
الاعتماد على النفس

تكتسب بالدرس بل بالملاحظة.» والاختبار يعلمنا أنَّ الإنسان يصير كاملًا بالعمل أكثر مما بالعلم؛ أي إنَّ شأن الإنسان يُصلَح بالعمل والاجتهاد والاستقامة، لا بالعلم والدرس والشهرة.

لعمرك إنَّ المجد والفخر والعلى
ونيل الأماني وارتفاع المراتبِ
فضائلُ عزمٍ لا تباعُ لضارعٍ
وأسرارُ حزمٍ لا تذاعُ لعائبِ

ولما كانت القدوة من الأمور الفعَّالة في شؤون البشر كانت كتب سير المشاهير ولا سيما الفضلاء منهم من أكثر الكتب فائدةً حتى إنَّ بعضهم قد وضعها في المنزلة الأولى بعد الكتب المُنْزلة لأن فيها أمثلة كثيرة للاعتماد على النفس وثبات العزم وعلو الهمة والنشاط والاستقامة والسعي في النفع العام ونحو ذلك من المحامد التي تعلن بكلام صريح ما يستطيعهُ الإنسان من الارتقاء في ذرى المجد وتبين ببلاغة فائقة أنَّ الذي يكرم نفسهُ ويعتمد عليها ينال اسماً حسناً وشهرة لا تُنسى.

ورجال العلوم والفنون والآداب أرباب الأفكار وأهل الحصافة لم ينحصروا في فئة من البشر ولم يختصوا بأهل المراتب العالية بل نبغوا من المدارس والمعامل ومن الدساكر والمزراع من أكواخ الفقراء الحقيرة وقصور الأغنياء الرفيعة. وكم من أناس ارتقوا من أدنى الدركات إلى أعلى المراتب ولم تصدهم المصاعب عن نيل ما شمروا له الذيل بل كثيراً ما كانت تستحيل إلى أكبر مساعدٍ لهم باثارتها قوتهم ونشاطهم وإيقاظها ما ربما كان يخمل من قواهم لو لم تكن الحال كذلك. وأمثلة هذا كثيرة جدًّا لا يسعنا تعدادها وجميعها تثبت قول المثل القائل: «كُلُّ مَنْ جَدَّ وَجَد». ألا ترى أنْ جرمى تيلر الملقب عند الإنكليز بفم الذهب والسر رتشرد أركرَيت مخترع آلة الغزل ومؤسس معامل القطن واللورد تَنْتَرْدِن قاضي القضاة وتُرْنَر المصور الشهير نبغوا من دكان حلاق