صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/130

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۱۲۲
في المصورين والنقاشين

ساعدتهُ التقادير فأتى رومية العظمى وأجال طرفهُ مليًّا في أعمال أرباب الفن ولاسيما في التماثيل القديمة العهد. وأقام عند دوكانوى النقاش الشهير وساعدهُ في تمثيل أشهر أصنام رومية القديمة. ودرس في غضون ذلك التشريح ومارس تصوير الأشخاص وطالع مؤلفات كثيرة في فن التصوير استعارها من أصحابها. وكان كل هذه المدة في غاية الفقر إلَّا أنهُ لم يضجر من ذلك لأنهُ كان يتقدم في إتقان الفن. وكان يبيع صورهُ بأيِّ ثمن كان فباع صورة نبي بثماني جنيهات وباع صورة الوباءِ الذي أصاب الفلسطينيين بستين ريالًا وقد بيعت هذه الصورة ثانية للكردينال ده رشليه بألف ريال. ثم اعتراهُ مرض شديد فوق ما أَلَمَّ بهِ من التعب فأنهك جسمهُ ولكن رزقهُ الله من اعتنى بهِ وهو الشافليه دل بُسُّو فلما نقِه صوَّر له صورة الراحة في البرية مجازاةً لهُ على اعتنائهِ بهِ فوفَّاهُ وأوفى. ولم يكتفِ بما حازهُ من النجاح فانطلق إلى فلورنسا والبندقية ووسع دائرة معارفهِ فظهرت أثمار جهادهِ في صور كبيرة أخذ في تصويرها نحو ذلك الوقت. منها صورة موت جرمانيكس وصورة المن وغيرهما من الصور الشهيرة. فاشتهر صيتهُ ولكن بطيئاً لأنهُ كان مائلًا إلى العزلة ومجانبة الناس حتى وصفهُ بعضهم بالتفكير أكثر مما وصفهُ بالتصوير فإنهُ كان يقضي أوقات العطلة جائلًا في البراري متأملًا في كيفيات جديدة للتصوير. وكان يحب رومية ويفضلها على ما سواها لأن ليس فيها تغيرات كثيرة تزعج البال فآلى على نفسهِ أنهُ إذا حصَّل فيها ما يقوم بمعيشته لا ينتقل إلى غيرها. وكان في هذا الوقت قد انتشر صيتهُ إلى خارج رومية وعُرِض عليه أنْ يرجع إلى باريس ويكون رأس مصوري الملك فتردد في أول الأمر في قبول هذه الدعوة قائلًا إنهُ عاش خمس عشرة سنة في رومية وتزوج فيها فلا ينتظر إلا دنوَّ الأجل ولكن كَثُر الإلحاح عليهِ فترك رومية وعاد إلى باريس فصادف فيها الجم الغفير من الحاسدين وود الرجوع إلى رومية