كبار من كتب الدعاوي ولما صار لورد تشنسلر قال لكاتم أسرارهِ وهما مارَّان في ذلك الزقاق ههنا كان مقرِّي الأول وكثيراً ما يخطر ببالي كم كنت أمرُّ بهذه السوق وبيدي ثلاثة غروش لأبتاع بها عشائي. ثم مضى إلى المحكمة لكي يستعمل المحاماة فانسدت في وجههِ كل الأبواب ولم يربح في السنة الأولى أكثر من تسعة شلنات وبقي أربع سنوات ملازماً محاكم لندن وغيرها وهو على مثل ذلك. فعزم أنْ يترك محكمة لندن ويقيم في بعض المدن الصغيرة محامياً. ولكنهُ نجا من ذلك كما نجا من أنْ يكون بدالًا وفحاماً وقسيساً لأنهُ صادف فرصة لإظهار كل معارفهِ القضائية وذلك أنهُ كان يحامي في دعوى فحُكم لخصمهِ فاستأنف الدعوى إلى مجلس الأعيان فنقض اللورد ثرلو الحكم الأول وحكم لهُ وهذه أوَّل درجة في سلم ارتقائهِ
قيل كان من عادة اللورد منسفيلد أن يقول لا أعرف أنهُ كانت فترة بين المدة التي كنت فيها بلا عمل والمدة التي صارت فيها أجرتي ثلاثة آلاف جنيه في السنة. وهذا يصح أن يقال في هذا الرجل فإن نجاحه كان سريعاً جدًّا لأنهُ عين في النيابة العمومية وصار رئيس الدائرة الشمالية وعضواً في البرلمنت قبل أن ناهز الثانية والثلاثين من عمرهِ وما زال يرتقي من درجة إلى أخرى بجدهِ واجتهادهِ حتى صار لورد تشنسلر وهو أعلى منصب يستطيع الملك أنْ يرقِّي أحداً إليهِ وبقي في هذا المنصب نحو خمس وعشرين سنة
وهنري بكرستث كان ابن جراح ودرس الطب في أدنبرج وأظهر في دروسهِ اجتهاداً عظيماً. وبعد أنْ أكمل دروسهُ في المدرسة رجع إلى بيت أبيهِ وكان يساعدهُ في الجراحة إلا أنه كان يكرهُ هذه الصناعة فألح على أبيهِ حتى أرسلهُ إلى كمبردج وكان مرادهُ أن يأخذ ديبلوما تلك المدرسة لكي يسوغ لهُ التطبيب في لندن إلَّا أنَّ اجتهادهُ العظيم في الدرس ألقاهُ في مرض فعرض عليهِ أنْ يكون طبيباً للورد أكسفرد وهو مسافر