صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/29

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
الاعتماد على النفس
٢١

إذ قال: «إنَّ افتقارنا إلى الغير واستقلالنا بأنفسنا لا بُدَّ من أنْ يسيرا معاً ويصطحبا ولو كان بينهما مناقضة ظاهرة». فكل واحد مفتقرٌ إلى غيرهِ في التغذية والتهذيب من طفوليتهِ إلى شيخوختهِ وإن تفاوت مقدار هذا الافتقار باختلاف الأشخاص. وأفضل الناس أقربهم إلى عرفان ما عليهم لغيرهم من الجميل والإحسان. قيل: إنَّ المسيو ألكسيس ده توكڤيل الشريف الفرنسوي المعم المخول دُعي إلى منصب في محكمة ڤرساليا وهو في الحادية والعشرين من عمرهِ فرأى أنهُ غير أهل لذلك المنصب وقد دُعي إليه لشرفه الموروث فرفضهُ عازماً أنْ يتأهَّل لهُ بجدهِ ثم ترك فرنسا وقصد الولايات المتحدة الأميركية واستصحب صديقهُ كستاف ده بومون. قال كستاف هذا: «إنَّ توكفيل مطبوع على عداوة الكسل فلا تراه بلا عمل في حال من الأحوال في حَضَر كان أو في سَفَر وأطيب الحديث عندهُ أنفعهُ وأسوأ الأيام أيام العطلة فيغتمُّ لإضاعة كل دقيقة من الوقت». وكتب توكڤيل إلى أحد أصحابه يقول: «الإنسان لا يفرغ من العمل في حياته ولا بُدَّ له من الجهاد الداخلي ولا سيما في الحداثة كما أنه لا بُدَّ لهُ من الجهاد الخارجي. وما الإنسان في هذه الدنيا سوى مسافر في بلاد يزداد بردها كلما تقدم في سفرهِ فعليهِ أنْ يزداد حركةً وسرعةً كلما تقدم وإلَّا فاجأتهُ منيتهُ في هيئة البرد. وأشد أمراض النفس مرض البرد إلَّا أنَّ قوانا العقلية والجسدية لا تكفينا لمقاومة هذا العدوّ الألد فعلينا أنْ نستعين بغيرنا.»

وقد جزم توكڤيل أن الاعتماد على النفس واجب على كل أحد إلَّا أنهُ لم يحطَّ قيمة المساعدة التي ينالها كل إنسان من غيرهِ ولو تفاوتت مقاديرها فإنه كثيراً ما أقرَّ بجميل ده كرغورلي وستوفلس الأول لأجل مساعدته العقلية والثاني لأجل معاضدته الأدبيَّة. وكتب إلى كرغورلي يقول: «إني مديون لكثيرين بأمور كثيرة فرعيَّة ولكني