صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/32

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٢٤
أرباب الصنائع

الدماغ. وهو أيضًا بَرَكة من البركات ولا يستثقلهُ إلَّا كلُّ بليد خامل الذكر أو كسلان كافر بالنعم.

والعمل لا يحُط من شأن الإنسان ولو كان أذكى الناس عقلًا وأوسعهم علماً. قال هيوملر الذي لا يضاهيهِ أحد في معرفة العمل وما يتأتَّى عنه للعامل من القوة والضعف: «إنَّ أتعب الأعمال مفعم باللذة وإصلاح شأن العامل أدبيّاً وماديّاً والعمل أمهر معلم ومدرستهُ أفضل مدرسة بعد مدرسة الديانة لأننا نتعلم فيها أنْ نكون مفيدين ومستقلين ومجتهدين». وكان هذا الفاضل يذهب إلى أنَّ الصناعة تهذب أهلها وتجعلهم رجالًا أكثر من غيرها من أسباب المعايش ولا حرج فإن الحكمة العملية التي هي أفضل أنواع الحكمة تُدرَّس في مدرسة العمل.

ويظهر ممَّا ذكرناهُ من أمرِ الرجال الذين نبغوا من بين أهل الأعمال ثم امتازوا بالعلم أو التجارة أو الأدب أو الفنون أنَّ الاجتهاد يذلل الصعوبات مهما كانت وأنَّ ارتفاع الأخطار باقتحام الأخطار. هذا ناهيك عن أنَّ الاختراعات والاكتشافات التي أغدقت على الأمة الإنكليزية ينابيع الثروة والعزة أكثرها لأناس من العامَّة بل من السُّوقة وإذا حذفنا ما فعلهُ هؤلاءِ الرجال لا يبقى شيءٌ يُذكَر لأنهم أوجدوا صنائع من أوسع صنائع الدنيا ونفحوا العالم بكثير من الضروريات والكماليات وروَّجوا الأعمال وزادوا راحة البشر ورفاهتهم. وطعامنا ولباسنا وأثاث بيوتنا وزجاج شبابيكنا والغاز الذي نُنِير به شوارعنا والبواخر التي نسافر فيها برّاً وبحراً وكل الآلات والأدوات التي جنى العالم أثمارها ولا يزال ولن يزال هي ثمرة تعب أولئك المخترعين.

ومن المخترعات التي نذكرها أولًا الآلة البخارية فقد اختُرعت في عصرنا الحاضر إلَّا أنَّ مبدأها وُجِد منذ مئات من السنين ثم ظهرت