القديم) والسحر وما أشبه ذلك من الخزعبلات فأهاج عليهِ خصوماً كثيرين فاتهموهُ بالهرطقة وأودعوهُ السجن وهو في الثامنة والسبعين وهددوهُ بالموت إذا لم يرتد عن مذهبهِ لكنهُ كان متمسكاً به كتمسكهٍ بالتفتيش عن دهان الخزف فأتى الملك هنري الثالث إلى سجنهِ وطلب منه أنْ يرتد عن مذهبهِ بقولهِ لهُ: أيها الرجل الصالح إنك خدمت أمي وخدمتني خمساً وأربعين سنة وقد حميناك في وسط النيران والمذابح والآن قد ألزمني الشعب وحزب غيز أنْ أتركك في قبضة أعدائك وغداً تُحرَق ما لم ترتد عن مذهبك. فأجابه: أيها المولى أنا مستعد أنْ أسلم حياتي لأجل مجد الله ولقد قلتَ لي مرارًا كثيرة إنك تشفق عليَّ وأنا أقول لك الآن إني أشفق عليك أنت الذي قلتَ قد ألزمني الشعب. فإن كلامك هذا ليس كلام ملك. أما أنا فلا أنت ولا شعبك ولا أحد يقدر أنْ يثني عزمي وإني أعلم كيف أموت. وحسبما قال مات. مات شهيدًا ولكن ليس حرقاً بل في السجن بعد أنْ سجن فيهِ نحو سنة. وهكذا انقضت حياة هذا الرجل الذي لا يضارعهُ أحد في الهمة والاستقامة والإقدام.
الرجل الثاني جون فردريك بُتغر مكتشف صناعة الخزَف الصيني الصلب. وُلد هذا الرجل في شليتز سنة ١٦٨٥ ولما بلغ الثانية عشرة وُضع عند صيدلاني في برلين فأظهر من صغره رغبة شديدة في الكيمياءِ فكان يقضي أكثر أوقات العطلة في التجارب الكيمياوية وجل مقصدهِ اكتشاف الإكسير الذي يُزعَم أهل الكيمياء القديمة أنه يحيل كل المعادن إلى ذهب. وبعد مضي بضع سنوات ادَّعى أنهُ اكتشف هذا الإكسير وصنع به ذهباً ويقال إنهُ امتحن ذلك أمام معلمه الصيدلاني وعدد من الشهود واحتال عليهم حتى أقنعهم جميعهم أنهُ صيَّر النحاس ذهباً.
وانتشر خبرهُ في الآفاق وتقاطر إليه الناس من كلِّ فجٍّ عميق