سُئِل مرةً بماذا اكتشفت كلَّ هذه الاكتشافات الفائقة فأجاب «بالتأمل المستمر فيها» ووَصَف في مكان آخر أسلوب بحثهِ فقال «إني أضع الموضوع نصب عيني وأنتظر حتى يبزغ فجره ويصير نوراً كاملًا». ولم ينل ما نالهُ من الشهرة إلَّا بالاجتهاد والمواظبة مثل غيرهِ من المشاهير بل إنهُ كان إذا تعب من الدرس في علم من العلوم يستريح بإبدالهِ بدرس علم آخر. وقال مرة للدكتور بنتلي «إنْ كنتُ قد خدمت الجمهور بشيءِ فباجتهادي وجَلَدي». فما أشبه ذلك بما قالهُ الفيلسوف كبلر الفلكي المشهور باكتشاف القواعد الثلث التي هي أساس علم الفلك وهو أنَّ تمعُّني في دروسي يجعلني أواصل التفكر في مواضيعها إلى أنْ أغوص في لججها بكل قوى عقلي.
لما رأى بعض المشاهير أن الاجتهاد والثبات أنتجا نتائج خارقة العادة ارتابوا في بوجود ما يُسمَّى قريحة أو عبقرية أو موهبة خاصة. قال فُلتير إنَّ الحد الفاصل بين مَنْ لهُ قريحة ومن ليس لهُ يكاد لا يُرى. وقال بكَّاريا إنَّ كل الناس يمكنهم أنْ يكونوا شعراء وخطباء. وقال رينلدز كل أحد يقدر أن يصير مصوراً ونقَّاشاً. وقال هلفيتيوس وديدرو ولُكْ إنَّ كل الناس قابلون لأن يَسمُوا بالقرائح على حدٍّ سوى وإنَّ ما يفعلهُ البعض بواسطة بواسطة عقولهم يجب أنْ يقدر غيرهم على فعلهِ إذا استخدموا نفس الوسائط التي استخدمها أولئك. إلَّا أنهُ وإنْ يكن كلُّ شيءِ منوطاً بالاجتهاد حتى إنَّ أُولي القرائح هم أكثر الناس اجتهاداً وسعياً فلا يسعنا أنْ ننكر أنهُ ما لم يكن للإنسان قريحة فطرية فائقة لا يقدر أنْ يبلغ مبلغ شكسبير أو نيوتن أو بيتوفن أو ميخائيل أنجلو مهما جدَّ واجتهد.
إنَّ دَلتون الكيماوي أنكر أنَّ له شيئاً من المواهب الفائقة ونسب كلَّ ما حصَّلهُ إلى السعي والاجتهاد. وجون هنتر قال «إنَّ عقلي كقفير النحل يظهر مملوءاً من الطنين والارتباك ولكنه مملوءٌ أيضاً من الهدوء والنظام