صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/73

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
الفصل الرابع
٦٥

والطعام المجلوب من أفخر منتجات الطبيعة باجتهاد مستمر». وإذا التفتنا إلى ترجمات مشاهير المخترعين والمؤلفين والصنَّاع من كلِّ نوعٍ ولو لفتة واحدة رأينا أنهم بلغوا ما بلغوا بجدهم واجتهادهم وحوَّلوا كلَّ شيء ذهباً حتى الوقت نفسهُ. وقد ارتأى دزرائيلي الكبير أنَّ نجاح الإنسان يقوم بامتلاكهِ ناصية الموضوع الذي يبتغي النجاح فيهِ ولا يحصل إلَّا بالدرس والانصباب الدائمَينِ. فينتج مما تقدم أنَّ الرجال الذين حرَّكوا الدنيا بأسرها لم يكونوا من ذوي المواهب الفائقة بل كانت قواهم العقلية معتدلة ولكنهم كانوا من أهل الجد والثبات. وكثيراً ما سبق البلداءُ النبلاء الأذكياءَ في ميدان الحياة لأنهم كانوا أكثر منهم مواظبة. قال المثل الإيطالي مَن يسر متمهلًا يسر طويلًا.

فالثبات من أول وسائل النجاح وهو الذي يكمل الأعمال كلها. بالثبات نال السر روبرت بيل ما جعلهُ زينةً وفخراً لمجلس الأعيان الإنكليزي فإنهُ لما كان صبيّاً كان من عادة أبيهِ أنْ يقيمهُ على المائدة ليتكلم ارتجالًا وعوَّده على إعادة كلِّ ما يحفظهُ من المواعظ التي يسمعها نهار الأحد. وكان نجاحه قليلًا في أول الأمر إلَّا أنَّ المواظبة على ذلك قوَّت فيهِ قوتي الانتباه والذاكرة حتى صار قادراً على إعادة موعظة كاملة حرفاً حرفاً. ثم لما دخل البرلمنت وكان يفند أدلة أضداده واحداً واحداً ببلاغة تفرَّد بها قلَّ مَنْ ظن أنَّ تلك الحافظة الفريدة التي فاق بها أقرانهُ قد اكتسبها بإرشاد أبيهِ لهُ وهو حدَث.

وما أعجب ما تفعلهُ المزاولة حتى في الأمور البسيطة فاللعب على الكمنجة يظهر في بادئ أمراً سهلًا لكنه يستدعي مزاولة طويلة متعبة جدًّا قيل إنَّ شابّاً قال لجِيَرْديني في كم من الزمان أتعلم اللعب على الكمنجة فأجابه في عشرين سنة إذا مارستهُ اثنتي عشرة ساعة كلَّ يوم. ومن يجهل مقدار العناء الذي يعانيهِ الممثلون قبلما يتمكنون من التمثيل. قيل إنَّ تَغْلِيوني الشهيرة كانت قبلما تمثل شيئاً تمارسهُ

٥