صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/86

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۷۸
في المزاولة والثبات

ليتعلم الجراحة فتعلم وسافر إلى الهند مراراً عديدة1 جرَّاحاً في السفن ثم دخل في خدمة الشركة الهندية فقام بعبءِ منصبهِ بكل نشاط ونال احترام من هم أعلى منهُ فرفعوا مرتبتهُ. وسنة ١٨٠٣ دخل في فرقة من الجند فمات الترجمان فأقيم مقامهُ لأنهُ كان قد درس اللغات الهندية وأتقنها ثم جُعِل رئيساً على أطباء الجند وتسلَّم إدارة البريد ودفع الأجور وتعهَّد بتقديم المؤن للجنود وقام بعبءِ هذه الأعمال كلها. وبعد أنْ قضى نحو عشر سنين في العمل المتواصل رجع إلى إنكلترا بمال وافر وكان أول شيءِ عملهُ أنْ أعطى فقراء عائلتهِ ما يكفيهم على حدِّ قول الشاعر

وإذا رزقتَ من النوافل ثروةً
فامنح عشيرتك الأداني فضلها

ولم يكن ممن يتمتعون بثمرة عملهم بالكسل والتراخي بل كانت لذتهُ العظمى في انصبابهِ على العمل فطاف كل المدن الصناعية في المملكة لكي يطَّلع على حالتها الأدبية والمادية ثم طاف البلدان الأجنبية لكي يطلع على أحوال صنائعها ومعاملها ورجع إلى بلاده ودخل البرلمنت سنة ١٨١٢ وبقي فيه نحو أربع وثلاثين سنة. وأول خطبة ألقاها في البرلمنت كانت في التعليم العمومي. وكان في كلِّ مدة عضويته مهتمًّا بهذه المسألة وغيرها من المسائل التي تأول إلى رفع شأن الأمة كإصلاح السجون وإقامة بنوك الاقتصاد وحرية التجارة والاقتصاد في النفقات وتوسيع نطاق الانتخاب لمجلس النواب وما أشبه. ولم يتعرض لموضوع إلَّا أفرغ فيهِ جهدهُ ولم يكن فصيح اللسان إلَّا أنهُ كان لكلامه وقع عظيم لأن السامعين رأوا فيهِ كلام رجل مستقيم مدقِّق وكثيراً ما كانوا يغلبونه بأكثرية الأصوات ولكنه كان يدافع عن


  1. لما كان هيوم جرَّاحاً في السفن تعلم فن الملاحة. من نفسه فعاد عليه بالنفع بعد سنين كثيرة وذلك أنه سافر مرة من لندن إلى ليث وصادف السفينة التي كان فيها نوء شديد وجُنَّ القبطان فاستلم هيوم إدارة السفينة ونجَّاها من الغرق