صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/87

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
الفصل الرابع
۷۹

آرائهِ بحماسة شديدة فتحصل الفائدة من كلامهِ ولو غلِب.

وكانت أعمالهُ كثيرة جدًّا فكان يقوم قبل الظهر بست ساعات ويكتب تحاريرهُ ويهيِّئ أوراقه للبرلمنت ويتناول غداءهُ ويقابل نحو عشرين ممَّن لهم أشغال معهُ ثم يذهب إلى البرلمنت. وكثيراً ما كان اجتماع البرلمنت يمتد إلى الساعة الثالثة بعد نصف الليل فكان يلازمهُ من أولهِ إلى آخرهِ. والخلاصة أنهُ باشر أعمالًا عظيمة وواظب عليها سنين كثيرة وكثيراً ما كان كلُّ أعضاءِ البرلمنت يقومون عليه ويهزاون بهِ ويغلبونهُ ولكنهُ لم ينثنِ عن عزمهِ ولا خارت قواهُ ولا ضعفت آماله. وعاش حتى رأى الجميع يسلِّمون بأكثر مطالبهِ ويمدحونها ويعملون بها. وهذا من أعظم ما جاءت بهِ ترجمات البشر وأكبر الأدلة على قوة الثبات


ولا يحسن بنا أنْ نختم هذا الفصل قبل أنْ نضيف إليه شيئاً مما جمعناهُ بعد البحث والتنقيب عن الذين اشتُهروا في البلاد الشرقية وكانوا مثالًا في الثبات والمواظبة. فزهير بن أبي سلمى كان ينظم القصيدة الواحدة في أربعة أشهر وينقحها أربعة أشهر ويعرضها على الشعراء أربعة أشهر، ثم يشهرها فسمِّيت قصائده بحوليَّات زهير. والأخطل بقي سنة كاملة يهذب قصيدتهُ التي يقول فيها «خفَّ القطين فراحوا منك أو بكروا» قبلما بلغ كلَّ ما أراد منها

وابن الجوزي ألَّف كتباً أكثر من أنْ تعد والناس يغالون في ذلك على ما قالهُ ابن خلكان ويقولون إنه جُمِعَت الكراريس التي كتبها مدة عمره وقُسمَت على المدة فكان ما خصَّ كلَّ يوم تسع كراريس

وجلال الدين السيوطي كتب في كلِّ مسألة مصنفاً بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسيَّة وبلغت مصنفاته نحواً من أربع مائة مصنّف

وعبد اللطيف البغدادي لم يخلِ وقتاً من أوقاته من النظر في