صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/94

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۸٦
الفصل الخامس

من استنتج من ذلك شيئاً سوى غليليو فإنه رأى يوماً قنديلًا يتحرك في قبة كنيسة بيزا فانتبه لهُ مع أنهُ كان فتًى في الثامنة عشرة ومازال يُعمِل فيهِ فكرتهُ مدة خمسين سنة حتى اسْتَتبَّ له أنْ يستخدم حركتهُ لقياس الوقت. وما من أحد من رجال العلم ينكر أهمية هذا الاكتشاف أو يقيس بهِ اكتشافاً آخر. وسمع غليليو مرة أنَّ إنساناً هولنديًّا اسمه ليبرشي صانع عوينات أهدى للكونت موريس آلة إذا نظر بها إلى الأشباح البعيدة بانت قريبة فاشتغل بهذا الموضوع وما زال يعمل فكرتهُ فيهِ صنع التلسكوب الذي هو أساس علم الهيئة الحديث. فلا يمكن لأحد أنْ يكتشف اكتشافات مثل هذه ما لم يكن شديد الانتباه.

قيل إنَّ السر صموئيل برَون كان يتأمل كثيراً في إقامة قنطرة لنهر تويد تكون متينة وقليلة النفقة فحدث أنهُ شاهد عنكبوتاً مادَّةً خيطها من شجرة إلى أخرى وكانت تسير عليهِ كما تسير على جسر فخطر على بالهِ أنهُ يمكن أنْ تُصطنع حبال أو سلاسل من حديد وتعلق من جانب إلى آخر فيكون منها جسر متين رخيص فاصطنع الجسر (الكبري) المسمى بالجسر المعلق على هذا المبدأ. وقد تعلم السر إيسمبرد برونل طريقة عمل النفق المشهور تحت نهر التمس من الأرَضة التي تنقر الخشب بمشفريها وتدهن الأزج الذي تنقره بمادة لزجة القوام فمثَّل هذا العمل تماماً واحتفر ذلك النفق العجيب

والرجل اليقظ يستفيد من الحوادث التي يراها مهما كانت طفيفة ألا ترى أنْ كولمبس مكتشف أميركا سكَّت شغب بحارتهِ وأقنعهم أنهم مصيبون برًّا إذ رأى شيئاً من العشب طافياً على وجهِ الماء. وما من أمر إلا ولهُ شيءٌ من المنفعة مهما كان طفيفاً. فعلى بال من خطر أنَّ أكثر الجبال والصخور الكلسية بَنَتها حيواناتٌ صغيرة لا تُرَى إلَّا بواسطة الميكرسكوب. فليس بعجيب إذا تولدت الكبائر من الصغائر