صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/99

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
۹۱
في الفرص ومعدات النجاح

العلم فأذن لهُ بدخول المدرسة فدخل وسمع فيها أربع خطب من السر همفري داڤي فدَوَّن شيئاً من هذه الخطب وأراهُ للخطيب فشهد صحيحاً وانذهل لما علم أنَّ ذلك الشاب لم يكن سوى صانع عند مجلد كتب. ثم إنَّ فَرَداي أطلع السر همفري على قصدهِ وهو إيقاف نفسهِ على العلوم الكيماوية فنهاهُ عن ذلك فلم ينتهِ بل لازم الدرس إلى أنْ صار معاوناً للسر همفري. وأخيراً جلس صانع مجلد الكتب في منصب صانع الصيدلاني (أي السر همفري داڤي).

وكتب داڤي في مفكرتهِ وهو ابن عشرين سنة يقول « ليس لي غنًى ولا قوة ولا نسب ولكن إذا فسَّح الله لي في الأجل خدمت جيلي أكثر مما لو كنت غنيًّا قويًّا ذا حسب ونسب». وكان لهُ استطاعة على توجيه كلِّ قوى عقلهِ إلى الموضوع الذي يبحث فيهِ وإلى كلِّ متعلقاتهِ. ومَن كانت هذه الصفة صفتهُ فلا بدَّ من أنْ يأتي بنتائج كثيرة. قال كلردج في وصف داڤي ما معناهُ أنَّ عقلهُ كسيفٍ فيهِ صفتا المرونة والصلابة فلم ينبُ عن مسألة إلا رجع إليها حالًا وفصلها كيف لا ولم يُعرَض عليهِ مشكل إلا حلَّه وأنار ظلمتهُ بنور حكمتهِ وبرهانهِ السديد. أما داڤي فقال في كلردج ما مفادهُ أنه شديد الذكاءِ واسع الفكر رحب الصدر ولكنهُ عديم النظام قليل التدقيق.

وكيڤيه العظيم كان من أشد الناس اعتناءً وأكثرهم اجتهاداً وتدقيقاً قيل إنهُ مال إلى درس التاريخ الطبيعي وهو صبي صغير برؤيته مجلداً من كتاب بفون فأخذ من ساعتهِ في نقل الصور التي فيهِ وتلوينها حسب الشرح. ولما كان في المدرسة أهدى إليهِ معلميهِ كتاب نظام الطبيعة للينيوس النباتي فكان هذا الكتاب كلَّ ما يملكهُ من الكتب في التاريخ الطبيعي مدة عشر سنين. ولما بلغ الثامنة عشرة جُعل مُعلماً لأولاد عائلة ساكنة بقرب البحر وإذ كان ماشياً ذات يوم على شاطئ البحر رأى أخطبوطة مطروحة على الشاطئ فاستغرب منظرها وأخذها