وتأثيره في النفوس وفعله في سعادة الأمم بصلاحه وشقائها بفساده وتخلص إلى ذكر الحوادث الجديدة التي أخذت تبدو في الأمة الفرنساوية مما يدل على أنها سائرة نحو التقدم شاخصة إلى التحول من حالة سيئة إلى حالة راضية
ويمر القارئ على الكتاب من أوله إلى آخره فلا يجد فيه دليلاً خطابياً أو حجة غير معترف بها لأن المؤلف أردف كل قول بدلیله المنتزع من الحوادث الصادقة والمشاهدات الصحيحة مما لا يدع مجالاً للشك أو محلاً للإعتراض
فلما فرغ من تأليفه ورمى به بين القراء من قومه كان كشعلة من النار أصابت وقوداً جافاً فالتهمته لساعتها وسرى لهيبها في جميع الأندية والبلدان غير أن الناس لم يشتغلوا باطفائها بل كان كل يذكيها و يصليها لإنها نار هدی وسلام
وحقيقة ما نشر الكتاب حتى اشتهر وعظم شأنه وتهافت الناس على تلاوته وأقبل الجموع على مطالعته وقامت له قيامة المدرسين واشتغل بالبحث في أبوابه كبراء الكتاب والمدقين و تلقفته الجرائد فشرحته وذيلته وقرظته وانهالت على صاحبه المراسلات تترى من كل ناحية يسأله أصحابها أين المدارس التي يشير إليها والسبيل إلى تربية أبنائهم على غير تربية آبائهم ولم يمض إلا القليل من الأيام حتى ترجم الكتاب إلى لغات عديدة فقرأه الإنكليز والألمانيون والأسبانيون والبولونيون وها نحن اليوم نزفه إلى قراء العربية يتهادى في أحاسن معانيه ورفيع مبانيه.
هذا كتاب لم يترك منقصة في تربية الأمة الفرنساوية إلا أذاعها ولا خلقاً سيئاً أو عادة سافلة إلا ندد بها لذلك اشتد وقعه في قلوبهم وضربوا