سر تقدم الانكليز السكسونيين أقصر عند الانكليز منه عندنا . ومن هنا سهل على الانكليزي ان يذهب كل يوم الى بيته في ضواحي المدينة وان يعود في الصباح لانه لا يسكن حيث يشتغل كما قدمت الا نادرا . وقد أكد لى بعضهم ان كثيرا من أرباب الحوانيت في الدنبورج يسكنون الخلاء ويقطعون كل يوم صباح مساء مسافة كبيرة . أما عندنا فالا كثرون يسكنون خلف محال تجارتهم أو فوقها لذلك يسهل عليهم ان يفتحوا أبواب أشغالهم مبكرين ويقفلوها متأخرين ثم ان كثير منهم لا يعطلون يوم الأحد وما من أحد يستريح يوم السبت بعد الظهر أبداً . ولو اقتصر المتأمل على هذه الحال لقال ان الفرنساوى أكثر عملا ً من الانكليزي غير انه لا ينبغي الوقوف عند عدد ساعات العمل بل الواجب زنها وزنة عمل الانكليزي أكبر بكثير فهو يعمل كثيراً في وقت يسير ولا يكاد يستريح هنيهة يتناول فيها شيئا من الطعام وسط النهار وقد بتناوله وهو على قدميه من دون ان تخلى عن العمل انتهزت فرصة الفراغ صبيحة يوم السبت وذهبت لزيارة أحد مناجم الفحم على مقربة من مدينة « هاوترندين » وهناك تعرفت بابن عم مدير المنجم وهو شاب انكليزي يشتغل بتجارة الأغنام في زيلانده الجديدة ويأتى في كل سنتين مرة ليقضى شهرين في انكاتره وهو راض عن حالته في تلك البلاد وقد اختارها مقاما أبديا وقال لى « هناك الحياة الحقيقية » فسألته عن موجب اعجابه بها فقال « الاستقلال » وهو برهان جديد على ان محبة الاستقلال هي التي تحرك الانكليزي وتدفعه الى العمل في جميع الأحوال ومها قلبنا أحوالهم وبحثنا في عوائدهم . وأخلاقهم وسبرنا غور مقاصدهم 169
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/177
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.