الاختلاف في ادراك معنى التكافل الى الاعتماد على الجمع أو جعل الفرد تابعاً للكل يتولد في الهيئات الاجتماعية بمقتضی نواميس مقررة يرشد اليها التأمل في الوجود ويعرفها قراؤنا فحينما وجدت تلك النواميس تولد هذا الميل من غير احتياج الى النداء به أو الارشاد اليه لانه يحدث بانتظام كما تتولد جميع الحوادث الطبيعية فاذا أردنا انماءه وجب علينا ان نعرف الظروف والحوادث التي استلزمت وجوده وهنا يظهر ما فى مذهب التكافل من الوهم والخيال اذ لسوء الحظ كلما قوى هذا الميل اشتدت تابعية الواحد للكل وتأصلت عنده عادة الركون اليه وقل اعتماده على نفسه وصار اعزل امام متاعب الحياة لما يعتريه من فتور الهمة وضعف الارادة وسقوط العزيمة على العمل . وما لتأخر الشرق عن الغرب سبب غير هذا واذا أردنا أن نحفظ التوازن بين الواحد والكل على الدوام لزمنا القول بوجوب زيادة اعتناء الكل ومضاعفة سهره على قدر ما يعترى الواحد في ذلك الوسط من الخمول والانحطاط . ومن نكد الطالع أن العكس هو الواقع وهو معقول لان ذلك الكل الذى يحتاج اليه في الاستعانة على ضعف الواحد أنما يتألف من مجموع أولئك الضعفاء فطبيعته من طبيعتهم والذي يضعف الفرد ويجعله مفتقراً الى غيره يضعف الكل ويموزه ومعناه ان التكافل يزداد ضعفاً تقدر اشتداد الحاجة اليه . وأنى أسأل القرآء عفواً عن تقرير هذه الحقائق التي هي في الواقع بديهيات وعليه يتبين أن هذا المذهب معيب من جهتين أولا لانه يولد في الامة أفراداً لا اهلية لهم فى شئ من الاعمال ويساعد على كثرة عددهم
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/308
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.