صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/11

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۱۱
العلم في الهند

فهذا الغرض الشريف والمقصد الكريم من حبّ القوى الإنسانيَّة والكلف بالفضائل البشريَّة والأَنفة من مشاكلة البهائم والإباءَة من مشابهة السباع. وكان أهل العلم مصابيح الدجى وأعلام الهدى وسادة البشر وخيار الأمم الذين فهموا غرض البارئ تعالى منهم وعرفوا الغاية المنصوبة لهم فصلاة الله عليهم ويا وحشة الدنيا لفقدهم. وإذ قدَّمنا هذه الطبقة التي عُنيت بالعلم ثماني أمم وكان قصدنا التعريف بعا ومهم والتنبيه على علمائهم فنشرع في ذلك على حسب ما نذهب اليهِ من الإيجاز والاختصار إن شاء الله تعالى

[۱ العلم في الهند]

أما الأمَّة الأولى وهي (الهند) فأُمَّة كثيرة القدر عظيمة العدد فخمة المالك قد اعتُرف (8) لها بالحكمة وأُقِرَّ لها بالتبرُّز في فنون المعارف جميع الملوك السالفة والقرون الماضية. وكان ملوك الصين يقولون: إن ملوك الدنيا خمسة وسائر الناس أتباع فيذكرون ملك الصين وملك الهند وملك الترك وملك الفرس وملك الروم. وكانوا يسمُّون ملك الصين «ملك الناس» لأنَّ أهل الصين أطوع الناس للمملكة واشدُّهم انقياداً للسياسة. وكانوا يسمُّون ملك الهند «ملك الحكمة» لفرط عنايتهِ بالعلوم وتقدُّمهم في جميع المعارف . وكانوا يسمُّون ملك الترك «ملك السباع» لشجاعة الترك وشدَّة بأْسهم. [وكانوا يسمون ملك الفرس1 «ملك الملوك» لفخامة مملكتهِ وجلالتها ونفاسة قدرها وعظم شأنها ولأَنها حازت على الملوك وسط المعمور من الأرض واحتوت دون سائر الملوك على أكرم الأقاليم. وكانوا يسمُّون ملك الروم «ملك الرجال» لأنَّ الروم أجمل الناس وجوهاً وأحسنهم أجساماً وأشدُُّّهم أسراً

فكان الهند عند جميع الأمم على ممرّ الدهور وتقادم الأزمان معدن الحكمة وينبوع العدل والسياسة وأهل الأحلام الراجحة والآراء الفاضلة والأمثال السائرة والنتائج الغريبة واللطائف العجيبة وهم وإنْ كانت ألوانهم في أوَّل مراتب السواد فصاروا في ذلك من جملة السودان فقد جنّبهم الله تعالى سوء أخلاق السودان2


  1. هذا ناقص في الأصل
  2. في الأصل: سوء الأخلاق والسودان. وهو غلط

٢