صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/12

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۱۲
كتاب طبقات الأمم

ودناءَة شِيَمهم وسفاهة أحلامهم وفضلهم على أُمم كثيرة من السُّمر والبيض

ولبعض أهل العلم بأحكام النجوم في هذا تعليل1 وذلك أنَّهم زعموا أنَّ زُحَل وعُطارد يتولَّيان بالقسمة لطبيعة الهند. فلولاية زحل لتدبيرهم اسودَّت ألوانهم ولولاية عُطارد لذلك خلصت عقولهم ولطفت أذهانهم مع مشاركة زُحل في صحة النظر وُبعد الغور فكانوا لهذا حيث هم من صفاء القرائح وسلامة التمييز وخالفوا بذلك سائر السودان من الزنج والنوبة والحبشان وسواهم. فلهذا التحقوا بعلم العدد والإحكام (9) بصناعة الهندسة ونالوا الحظّ الأوفى والقِدح المعلّى من معرفة حركات النجوم وأسرار الفلك وسائر العلوم الرياضية. وبعد هذا فإنهم أعلم الناس بصناعة الطب وأبصرهم بقوى الأدوية وطبائع المولدات وخواصّ الموجودات ولملوكهم السيرة الفاضلة والمَلَكات المحمودة والسياسات الكاملة

اما العلم الإلهيّ فإنهم مجمعون منهُ على التوحيد الله عزَّ وجلَّ والتنزيه لهُ عن الاشراك به2 ثمَّ هم مختلفون في سائر أنواعهِ فمنهم براهمة ومنهم صابئة ، فأمّا البراهمة وهي فرقة قليلة العدد فيهم شريعة النسب عندهم فمنهم من يقول بحدوث العالم ومنهم من يقول بأزلِهِ إلاّ انهم مجمعون على إبطال النبؤات وتحريم ذبائح الحيوان والمنع في إيلامهِ. وأمّا الصابئة وهم جمهور الهند ومعظمها فإنَّها تقول بأزل العالم وأنهُ معلول بذات علّة العالم التي هي البارئ عزَّ وجلّ وتعظِّم الكواكب وتصوّر لها صوراً تمثِّلها وتتقرَّب إليها بأنواع القرابين على حسب ما علموا من طبيعة كل كوكب منها ليستحبُّوا بذلك قواها ويصرفوا في العالم السفلي على اختيارهم تدابيرها. ويسمُّون كلّ صورة من هذه الصور بأسماء. [ولهم في أزمان البدارة وأدوار الكواكب وأكوارها وفساد جميع المولِّدات من العناصر الأربعة عند كل اجتماع يكون للكواكب في رأس الحمل وفي عودة المولدات في كل دور3 آراء

كثيرة ومذاهب متفرقة على حسب ما بينَّا في كتابنا في مقالات أهل الملل


  1. هذا التعليل المبني على مزاعم أهل التنجيم والفراسة باطل لا صحة له
  2. ليس هذا بصحيح فإنَّ الشرك شائع في كل انحاء الهند. ولعله أراد ديانة البوذيين وفيها أيضاً ضروب من التعاليم الفاسدة الممزوجة بالأضاليل الوثنية
  3. هنا قد طرأ على الأصل بعض فساد