صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/17

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۱۷
العلم عندالكلدان

وذكر بعض علماء الأخبار أنَّ الفرس في أوَّل أمرها كانت موحدة على دين نوح عليهِ السلام إلى أن أتى بوذاسف المشرقي الى طهْمورَث ثالث ملوك الفرس بمذهب الحنفاء وهم الصابئيُّون فقبلهُ منهُ وقهر الفرس على التسرُّع بهِ فاعتقدوهُ نحو ألف سنة وثمانمائة سنة الى ان تمَّجسوا1 جميعاً

وكان سبب تمجُّسهم أن (14) زرادشت الفارسيّ ظهر في زمان يستاسب2 ملك الفرس ولثلثين سنة خلت من ملكهِ ودعا الى دين المجوسيَّة من تعظيم النار وسائر الأنوار والقول بتركيب العالم من النور والظلام واعتقاد القدماء الخمسة التي هي عندهم: البارئ (تعالى عمّا يقولون) وإبليس والهيولى والزمان والمكان وغير ذلك من شريعة المجوسيَّة. فقبل ذلك منهُ يستاسب وقام بدينه وقاتل الفرس عليه حتى انقادوا جميعاً إليه ورفضوا دين الصابئة واعتقدوا زرادشت نبيا مرسلاً من عند الله عزّ وجلّ إليهم ولم يزالوا على دينهِ وملتزمين لشريعتهِ قريباً من ألف سنة وثلثمائة سنة إلى أن ضعضع ملكهم عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنهُ واحتوى على المدائن قاعدة عزّهم وطردهم عن العراق وما يتّصل بها إلى بلاد خراسان ثمَّ استأصل (عثمان) بقيَّة ملكهم بقتل يزدجرد بن شهريار آخر ملوكهم في خلافتهِ وذلك سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة وباد منهم خلق عظيم في الحروب الواقعة بينهم وبين المسلمين في يوم القادسيَّة ويوم جَلُولاء3 ويوم نِهاوَند وغيرها وأسلم منهم جماعة وبقيت بقيَّتهم على دين المجوسية إلى الآن أهل ذمَّة كذمَّة اليهود والنصارى بالعراق والأهواز وبلاد فارس وإصبهان وخراسان وغيرها من مملكة الفرس قبل الاسلام

٣ العلم عند الكلدان

وأمّا الأمّة الثالثة وهم الكلدانيون فكانت أمّة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك كان منهم النماردة الجبابرة الذين كان أوَّلهم النمرود بن كوش بن حام باني المجدل الذي ذكره الله تعالى في قوله4: قد مكرَ الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم من القواعد فخرَّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون


  1. التمجُّس الدين بالمجوسية وهي عبادة النار والشمس
  2. ويقال بِشّتاشْف و كيستاسب و و كيستاسف
  3. في الأصل حلولاء غلط
  4. اطلب سورة النحل (العدد ۲۸)