صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/16

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف، وسئل في ذلك فقال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر، فقلت: يا رسول الله، إني أرمد العين، فقال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت حرًّا ولا بردًا منذ يومئذ …»

***

ولا يفهم من هذا أنه — رضوان الله عليه — كان معدوم الحس بالحر والبرد بالغًا ما بلغت بهما القساوة والإيذاء، فقد كان يرعد للبرد إذا اشتد ولم يتخذ له عدة من دثارٍ يقيه، قال هارون بن عنترة عن أبيه: دخلت على علي بالخورنق — وهو فصل شتاء — وعليه خلق قطيفة وهو يرعد فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الله قد جعل لك ولأهلك في هذا المال نصيبًا، وأنت تفعل هذا بنفسك؟ … فقال: والله ما أرزؤكم شيئًا، وما هي إلا قطيفتي التي أخرجتها من المدينة.

فليس هو انعدام حس بالصيف والشتاء، إنما هي مناعة قوية خصت بها بنيته، لم يخص بها معظم الناس.

وكان إلى قوته البالغة، شجاعًا لا ينهض له أحد في ميدان مناجزة، فكان لجرأته على الموت لا يهاب قِرنًا من الأقران بالغًا ما بلغ من الصولة ورهبة الصيت، واجترأ وهو فتى ناشئ على عمرو بن ود فارس الجزيرة العربية، الذي كان يقوم بألف رجل عند أصحابه وعند أعدائه،