صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/46

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الحالة السياسية والاجتماعية في عصر الميلاد على افراطها في السوء لم تبلغ مبلغ الحالة الاجتماعية في الدلالة على القنوط وعموم البلاء ، وحسب القارىء أن يتصفح الأناجيل كائنا ما كان اعتقاده فيها من الوجهة الدينية لكى تتمثل له حالة البؤس واليأس التي كانت ترين على القرى والمدن في أقالم فلسطين ، ولا هی سيما اقليم الجليل الذى تواترت الروايات عنه ، فحينما الانجيليون رحلة من رحلات السيد المسيح بين القرى فهناك أخبار عن العجزة والمرضى الذين يتعرضون لطلب الشفاء بعد اليأس من كل علاج، وبين هؤلاء مشلولون ومفلوجون ومجانين ومصابون بالخرس والصمم والعمى ويبس المفاصل والاطراف ، وبينهم من يقال عنه أن جسده تسكنه الشياطين أو يتناوب سكناه جملة من الشياطين بالليل والنهار وكان بعض هؤلاء المرضى أطفالا و بعضهم من الشبان والكهول فى مختلف الأعمار، وهذا الى أمراض البرص والنزيف والصرع الذى لا يقترن بالجنون واذا كانت هذه الحالات البارزة فالى جانبها ولاشك حالات اخرى دونها في الشدة والبروزتتم على الآفات الجسدية والنفسية التي فشت في ذلك المجتمع وتركته مهيض الاعصاب عرضة للسخط والهياج ، ويضاف الى هذا ان عصر الميلاد قد شهد في فلسطين طوائف شتى من الاساة الذين يطببون المرضى بالعلاج الروحاني ويعتمدون على قوة الايمان وطهارة المعيشة في التطبيب والعلاج ، واذا قلنا ان عصر الميلاد قد شهد عصر امهيض الاعصاب فنحن نلتفت التفاتا خاصا إلى هذه الظاهرة التي تشير الى الحالة النفسية في جملتها فليس احوج من عصر العصر الى السكينة وثقة الايمان وليس اشد منه تعطش ا الى التسليم والتطهير متى استراحت النفوس فيه الى الهادي الذي يرجى على يديه التسليم والتطهير ، فلم يأت أوان الرسالة المسيحية كذلك