صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/49

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

بلغت الدولة الرومانية على عهد الميلاد غاية مداها ، ودخلت في حوزتها أمم العالم المعمور كله، ماعدا الشرق الاقصى ، واصبح من رعاياها اناس مختلفون فى الجنس واللغة والعقيدة ، فشوهدت في رومة والاسكندرية ونابلس و بیت المقدس كل عبادة يدين بها البشر من تخوم الهند الى الشواطئ الاطلسية ، وكثر الحديث بين الناس عن الارباب والاديان والمذاهب والعقائد ، وتبادل المفكرون والفلاسفة البحث فيها بعد انتقال مدارس الحكمة والعلم الى الاسكندرية ، وتلاقى الحكماء والعلماء فيها من كل مذهب وكل عقيدة ، وتعود الناس ان ينظروا الى الامور نظرة عالمية وبخاصة بين أهل الدرس والتأمل والمطالب الروحية - واعظم من هذه النظرة العالمية أثرا في موضوعنا عبقرية . المسيح . ان عصر الميلاد قد شهد عدة موجات دينية تجرى من الشرق وتغمر بلاد الدولة الرومانية نفسها ومنها العاصمة الكبرى خلافا لما يسبق الى الظن من غلبة العقائد تبعا لغلبة القوة السياسية فلم تكن سيادة الدولة الرومانية على الشرق مقدمة لسيادة الديانة الرومانية كما جرت العادة فى كثير من اطوار التاريخ بل حدث على نقيض ذلك ان عقائد الشرق هي التي غلبت على رومة واتباعها ، وهى التى انتقلت من الامم المحكومة الى الامة الحاكمة وجاءت المسيحية بعد ذلك فلم تكن استثناء من هذه القاعدة كانت تطبيقا جديدا لها أعم وأوسع من كل تطبيق متقـ عليها بل سلام وليس في الأمر مخالفة للسنن الطبيعية كما يبدر الى الذهن لاول وهلة ، فان سريان العقائد من الشرق إلى الغرب في تلك المرحلة