صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/54

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

جميع الحياة الدينية في العالم إلى الجماعات الفنية الرياضية التي تقوم على تخير الاذواق وتوحيد العلاقات بين الاشباه والنظراء ، فكان طلابها جميعا من الشبان الذين يستطلعون حقائق حياتهم المجهولة ويعتقدون او يرجحون ان هذه الحقائق سر من اسرار العلم والدراية يهديهم اليه الحكماء المجربون المدربون ، وكان لها طلاب من الكهول والشيوخ بطلت عقيدتهم فى الشعائر العـ سامة فانصرفوا عنها الى حيث يلتمسون الحقيقة ويشعرون براحة الضمير في جو من الالفة واتفاق المطالب النفسية والفكرية ، فمن لم تكن هذه النحل عنده حلقات رياضية او فنية فهي عنده بمثابة الاندية التي تصون روادها من الاخلاط و الاغيار ولا سيما الاغيار من ذوى الجهالة والاسفاف ولكن الدلالة الكبرى التى تتجمع من شيوع هذه النحل في عصر الميلاد انها «اولا» علامة على طلب الاعتقـ اد و احساس المخلصين المستعدين للايمان بما يحيط بهم من الخواء في جو التقاليد والمعتقدات وانها « ثانيا ، علامة على الوجهة العالمية التي اخذت تسرى فى انحاء العالم المعمور وتؤلف بين ابناء الامم المختلفة في طلب العقائد الروحية ، لان هذه النحل السرية لم تكن مقصورة على أمة دون أمة ولم نكن محرمة على احد من اجل جنسه واصله، فكل من يفتح وجدانه لعقائدها وآدابها فهو مقبول فيها مرشح لدرجاتها من أدناها الى اعلاها أما جماهير الشعوب فلم تكن تحفل كثيرا بهذه النحل الخاصة المقصورة على طلابها ومريديها وكانت على دأبها سادرة في عاداتها ومألوفاتها، ولكنها لم تحل في هذه العادات والمألوفات من وجهة عالمية تنزع الفوارق بين اتباع الديانات المختلف وتضمهم جميعا بين حين وآخر الى محافل الاعياد العامة التي تقام ـة -07-