صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/61

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

حة الحالة الفكرية فى عصر الميلاد : لانها محشوة بالخرافات والاكاذيب، وعلم تلاميذه ان الآلهة موجودة ولكنها مشغولة بسعادتها عن شئون الدنيا فلا قدر لها فيها ولا قضاء ، ولا فرق عنده بين الارباب والمخلوقات الا في لطافة المادة ونقاوة التركيب ، فكلها من المادة وليس لغير المادة وجود... ومن هنا كان يقبل كل تفسير لظواهر الوجود يرجع بها الى الاسباب الطبيعية ويرفض كل ما كان مرجعه الى الارباب والغيوب ويواجه الموت نفسه على مذهبه في السرور والالم ، فان لم يكن في الموت مسرة فهو خلاص من آلام الحياة ، ولهذا شاع مذهب ابيقور في عصور الشك والسلام وفقدان اليقين والايمان بالعناية وفضله المكذبون بالديانات على مذهب الرواقيين لان الابيقورية خلافا للرواقية لا تعفى أصحابها من التكاليف ولا تفرض على عقولهم او ضمائرهم واجبا ينقل على كواهلهم ، ولكنها كانت تجمع قواعدها ووصاياها في أصول منظومة اشبه بالاوراد الدينية التي يستظهرها المريدو يترسمها ترسم الايمان والعبادة

مع هذا واذا أردنا تلخيص المدهب الرواقي في كلمتين اثنتين فهاتان الكلمتان هـذا الصبر والعفة الصبر على الشدائد والعفة عن الشهوات ، ولا سعادة للانسان من غير نفسه وضميره ، فمن راض نفسه على مغالبة الألم والحزن وقمع الشهوة والهوى فقد بلغ غاية السعادة المقدورة لا بناء الفناء ، وهم يؤمنون بالقدر ويعتقدون ان الكون كله نظام متناسق يجرى على حسب المشيئة الالهية ، والوحي والرؤيا والفال وطوالع النجوم من وسائل العلم بأسراره وخفاياه ، ويلتقى الانسان بالعقل مع الالهة وبالجسد مع الحيوان الاعجم وفضيلته الانسانية هي ان يطيع العقل ويعصى الجسد ، وعصيانه الجسد هو مقاومة الشهوات ، وطاعته العقل هى طلب المعرفة ، وسعادة -11-