صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/89

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

تاريخ الميلاد ان استخدام المقارنات والمقابلات فى تحقيق هذه السابقة اولى بمؤرخى الاديان من كل ما جمعوه أو فرقوه لينتهوا به الى فرض منقطع النظير .

4 على أن صناعة النقد التاريخى تتهم نفسها بالعجز البالغ اذا لم تستطع أن تعتمد على الكلام المروى فى تقرير « شخصية القائل و تحقيق مكانه من التاريخ، وبين أيدينا كلام السيد المسيح كما روته الاناجيل ينبئنا في هذه الناحية عن كثير فمهما يكن من فصل القول فى استقلال كل انجيل أو اعتماد بعضها على بعض فهناك علامات واضحة لا يمكن ان يقصدها كتاب ، لأنها علامات تفهمها الآن وفاقا لما درسناه من تطور الدعوة المسيحية ، ولم يكن لها محل في رؤوس الرواة المشاهدين الاناجيل ثم تنتهي تنتهى أو الناقلين فان روايات الاناجيل تطابق التطور المعقول من بداية الدعوة الى نهايتها، ومن التطور المعقول أن تبتدىء الدعوة قومية عنصرية انسانية عالمية ، وأن تبتدىء فى تحفظ ومحافظة ثم الى الشدة والمخالفة ، وأن تبتدىء بقليل من الثقة في شخصية الداعى ثم تنتهى بالثقة التي لاحد لها في نفوس الاتباع والاشياع ، وهكذا كانت الدعوة المسيحية كما روتها الاناجيل دون أن يتعمد كتابها تطبيق أحوال التطور أو تلتفت أذهانهم الى معنى تلك الاحوال وربما كان أوضح من هذا فى الإبانة عن شخصية الداعي أن أقواله تتضمن نقدا لجميع المذاهب التي كانت شائعة في عصره ، وأن هذه الاقوال تشير الى وجهة نظر واحدة لم يكن لها وجود في غير تلك الشخصية فالاقوال المسيحية تنتقد الفريسيين ولكنها لا تصدر في نقدهم