صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/95

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ZUC-RA جد صورة وصفية محمد الوداعة مفتاح السماء فلا تدخلها غير الودعاء ، وتمثلت الوداعة في كثير من اقواله وأفعاله ، ومنها الرحمة بالخاطئين والعائرين ، وهى الرحمة التى تبلغ الغابة حين تأتى من رسول مبرا من الخطايا والعثرات الا ان هذا الرسول الوديع الرحيم كان يعرف الغضب حيث تضيع الوداعة والرحمة ، وكانت شيمته فى رسالته شيمة الرسل جميعا حين تعلو عندهم اواصر الروح على أواصر اللحم والدم ، و تتقدم حقوق الهداية على حقوق الآباء والأمهات .. « من هی امی و من هم اخوتى ؟ ... من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخى واختى وأمى»... « من ليس معى فهو على ومن لا يجمع معى فهو يفرق .. وان كان أحد يأتى الى ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وأخوته ، حتى نفسه ، فما هو بقادر أن يكون لي تلميذا » وهذه واشباهها من الشروط الصارمة التى كان بفرضها على مريديه هي الشروط التي لا غنى عنها لكل دعوة مستبسلة أمام السيطرة والجبروت ، ومهما يكن فيها من اساليب المجاز والكناية فالقول الصراح الذى لاخلاف عليه أن انتجرد من أواصر المنافع والشهوات أول الآداب التى يتأدب بها الجنود في كل ملحمة : جنود الحرب فى ميادين الصراع على فتوح الحكم والسياسة ، فما بالنا بجنود الحرب فى فتوح الروح ومطالب الكمال ولقد كان عليه السلام يأمرهم أن يقدموا على المخاطر في سبيل الحق والهداية ، ولكنه كان يقيم لهم حدود المخاطرة حيث يجب الاقدام على الموت وجوبا لامثنوية فيه ، فالخطر على الروح أولى بالاتقاء من الخطر على الجسد . وهان موت الجسد 171