صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/96

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

صورة وصفية اذا كان موت الروح فى الحسبان، فان لم يكن خطر على الجسد ولا على الروح فلا خير فى المخاطرة ... وكونوا بسطاء كالحمائم وحكماء كالحيات القضاء الآن ناموا واستريحوا ! ... و فى انجيل مرقس أن السيد المسيح نجا بنفسه الى جانب البحر حين علم أن الفريسيين والهيروديين يأتمرون به لاهلاكه وفى سائر الاناجيل أنه كان يشكو حزنه وبثه حين احدق به الخطر ، وانه كان يدعو الله ان يجنبه الكأس التي هو وشيك ان يتجرعها ، وأنه كان يقول لتلاميذه : « نفسي جد حزينة امكثوا ها هنا واسهروا معى .... وانه كان يعتب عليهم حين يراهم نياما على مقربة منه وهو يعانى برجاءه وأشجانه ويقول لهم ما قدرتم أن تسهروا معى ساعة واحدة ؟... ثم قال لهم آخر الأمر وقد حم فليس الاقدام على الجهاد ان تتجرد النفس من طبيعتها في وجه المخاوف والمتالف ، وليس محظورا على النفس في سبيل ذلك الجهاد أن تأخذ بالحيطة او تلوذ بمن تحب وتستمد العون من عواطف المحبين ، وانما المحظور عليها ان تخشى الخطر على الجسد حيث تجب الخشية على الروح، وفى غير ذلك لاخشية ولا مخاطرة ولا ملام ومن تحصيل الحاصل أن يقال أن السيد المسيح خلق على فطرة أصحاب الرسالات الكبرى الذين لا ينقطعون لخطة من عن الرياضة الروحية ، وهذه الرياضة الروحية هي التي تجعلهم منذ صباهم عرضة للقلق والتنقيب في أعماق ضمائرهم لعلهم يعرفون مداهم من الاقتراب أو الابتعاد عن طريقهم الى الله . فهم يشرفون على النور حينا ويحتجبون عنه حينا ويعودون الى طواياهم فى كل حين يحاسبونها على اشراقه أو أمثاله <-97-