صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/97

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

صورة وصفية احتجابه ، ويستبشرون تارة لانهم يلمحون معالم الطريق ، وينحون على أنفسهم باللائمة تارة لانهم يتهمونها بالزيغ عن الجادة والانحراف عن السواء ، وفيما بين هذا القلق تلك البشارة تنمو النفس على الرياضة وتتهيأ للثبات والاستقرار وتتخذ العدة لليقين والايمان لا ريب أن هذه الرياضة هي التي عناها كتاب الاناجيل بفترة من التجربة فى البرية حيث تعيش الشياطين، وما للشياطين هنا وساوس غير وساوس القلق وصراع الفتنة وغواية الطمع بين الاقدام والاحجام، حيث تطمئن النفس ساعة ثم تمتحن هذه الطمانينة بالتجربة ساعة اخرى ، ثم تعاف التجربة لانها تسليم بالشك حيث ينبغى التسليم بالثقة رسالة الله حقيقة بكل فداء واهل لكل ثمن وكل جزاء، ولكن من لك ايها الضمير ، انك انت المختار لرسالة الله ؟ أو تطلب البرهان ؟ فمن أين لكن تجمع بين طلب البرهان وبين صدق الايمان وقد تغلب المسيح على هذه المحنة كما تغلب عليها الانبياء المرسلون بعد قلق وجهاد و صبر أليم ، ونحسبه بعد ذلك كان يعالج القلق من هذا القبيل بالتسليم للواقع ، وكان يستلهم الحوادث ارادة الغيب حين تحتجب عنه هذه الارادة ، فيترك الحوادث تمضى ويمضى معها وينتظر ما تحكم به المقادير ، وفى هذه المواقف يخيفه فى أعماق طويته أن يطلب البرهان الالهى لانه لا يريد أن يجرب الهه ، ويخيفه أن يحجم ويتهم ضميره بالاحجام مخافة العواقب ، فذاك مسعاه الى بيت المقدس في أخريات رسالته مرتين : مرة وهو يدخلهابين الترحيب والتهليل ، ومرة وهو يدخلها بين النذر والشباك وخيانة الاصحاب ودسيسة – ۹۷ –