صفحة:عبقرية المسيح (1953) - العقاد.pdf/98

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

صورة وصفية لا كانت هذه الخطوات من خطوات التسليم الذي ينطوى فيه حب الاستلهام والاستطلاع: خير من طلب البرهان وخير من النكوص ما لم يكن هنالك برهان ، وما قال قائل في أمثال تلك المواقف ! ليفعل الله مايشاء، الا وهو يترك للمقادير أن تظهر من مجرى الحوادث حيث تجرى بها مشيئة الله في لحظات كهذه اللحظات يغوص الانسان كله في أعماق ضميره ، ولعل لحظة من تلك اللحظات هي التي قال فيها الناظرون اليه : انه غائب عن نفسه ، او هي التي صمت فيها يحير جوابا لانه هو يترقب جواب الغيب المنظور مما عسى أن يكون عما قريب، أو هى التى اقدم فيها لا يبالي بسلامته وعاقبة أمره ، ولم يكن فكره قاصرا . عن استطلاع العواقب جميعا في موقف من تلك المواقف الحاسمة ، ولكن المشكلة الكبرى كلها في استطلاع العواقب ، فهل تراه لا يقدم على العواقب الا بضمان من البرهان ؟ ان أعمال أصحاب الرسالات لا تفهم على حقيقتها ما لم نفهم معها هذه القاعدة الاساسية فى طبيعة الرسل ، وهي أن الشك اخوف ما يخافونه ، وأن استبقاء الايمان غاية ما يبتغونه ، وكثيرا ما يقدمون على جسام الامورلان التعليم أقرب الى الايمان ، ولان الاحجام شك أو انتظار برهان والشك وانتظار البرهان يستويان في بعض الاحيان وقد تواترت الروايات على أن السيد المسيح كان يبتهل الى الله في اخريات رسالته قائلا : « اللهم جنبنى هذه الكأس ، لكن كما تريد أنت لا كما أريد » وفى هذا الابتهال مفتاح كل عمل أقدم عليه بعد ذلك ، او --