صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/10

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–١١–

وقالت فيه الشفاء بنت عبد الله : « كان اذا تكلم أسمع، وإذا مشی اسرع، واذا ضرب أوجع، وهو الناسك حقا ».

وقالت أم أيمن، يوم أصيب : « اليوم وهي الاسلام ».

وإذا كان هذا رأي النساء فيه، فما رأي أعلام الصحابة ؟؟؟

قال عنه عارفوه : « باطنه خير من ظاهره ».

وقال فيه الصديق ما فحواه : « أن مبغضيه هم المبغضون للخير ».

وقال فيه ابن مسعود : « لو أعلم عمر کان يحب كلبًا لاحببته ».

وعمرو بن العاص، ومعاوية، كانا يثنيان عليه، مع أنهما ذاقا ضربات عدله وهيبته.

وشاء القدر أن يقنل عمر بيد الغدر والتآمر والخيانة، وقد تكشفت له تلك النهاية قبيل ذلك، حينما رأى في منامه : كأن دیگا نقره نقرتين، فقال : يسوق الله الىّ الشهادة، ويقنلني أعجمي..

وفعلا مات عمر بطعنات من خنجر فیروز « أبي لؤلؤة » الذي كان من سبايا الفرس بالمدينة.. وذهب — رحمه الله — شهید مؤامرة من أعداء الدولة الاسلامية، وصوت الحق ينادي :

﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ودفن إلى جوار الحبيبين : محمد.. والصديق.

و بعد هذا العرض الخاطف، الذي لا أدعي أنني قدمت فيه كل ما يجب أن يُقدّم.. أشعر في النهاية — مثلما شعرت في البداية — بالهيبة والوقار، والتجلة و الاكبار، و كل ما يليق ببطل هذه الرحلة : عمر الرجل.. عمر الممتاز.. عمر العبقري.

ولا يفوتني أن أنوه بعظمة الكاتب في احاطته بالموضوع، وعرضه الشيق وأسلوبه الجزل، ومعانيه الحسان، ودقة تحليله، وروعة استنباطه، فما أثبت لعمر صفة الا وأقام عليها الدليل، وما درأ عنه تهمة الا واستند إلى برهان..

رحم الله عمر... ورحم الله العقاد .

مهدي عبد الحمید مصطفی
مبعوث الازهر الشريف في لبنان