صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/114

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

عسير • (۱) فقد تزين له نفسه ، أو تزئن له رعيته ، أن يستقل بالأمر وينتحل لذلك ما شاء من المعاذير . فان فاته الاستقلال ورئيسه قوي مهيب لم يفته بعد زوال ذلك الرئيس ، ولو جاء بعده من مضارعه في القوة والمهابة لأن الفترة بين زوال عهد واستقرار عهد آخر تؤذن بمثل هذا النقلقل وتفتح الثغرات لمن يريد أن يلج منها بعد طول تربص و استعداد ولم يكن عمر بن الخطاب يعرف تاريخ الاسكندر المقدوني وتواريخ العتاة من قياصرة الرومان ، ولا كان الغيب قد انكشف له فرأى ما تلاه من الأمثلة في دول المغول والعثمانيين ودول المسلمين من مشرقيين و مغربيين ، ولكنه لو استقصى أخبارهم جميعا وعرف فتنة الولاة بعد زوالهم ما ندم لحظة على عزل الذين عزلهم وهو يقول لهم : انما عزلتكم الكيلا أحمل على الناس فضل عقولكم ، أو لكيلا تفتنوا بالناس كما افتتن الناس بكم ، ولكان له سبب آخر وجيه بالغ في الوجاهة يادعوه إلى تغلب رغبات الرعية على مكانة الولاة ، وهو عصمة الدولة من أولئك الولاة أن يطول بهم العهد وتنم لهم القدرة ويحولهم الحب والولاء فلا يبقى بينهم وبين الأنقاض الا الفرصة السانحة ، وهي شیء سنويا في ابازالتأسيس والانتقال وما لم يكن عزل العمال لسبب من أسباب السياسة العليا التي من هذا القبيل ، فلا جزاء الا بقسطاس دقیق محیط ، ولا سيما في الشؤون المالية ، لأنه يعتمد في محاسبتهم على وسائل متفرقة بستدرك بعضها نقص بعض ، فلا تكاد تخفى عليه خافية مما يريد الوقوف عليه فمن هذه الوسائل أنه كان يحصى أموالهم قبل الولاية ليحاسبهم بها على ما زادود بعد الولاية مما لايدخل في عداد الزيادة المعقولة ، ومن تعكل منهم بالتجارة لم يقبل منه دعواه لأنه كان يقول لهم : انما بعثنا کم ولاة ولم نبعثكم تجارا ومنها أنه كان يرصد لهم الرقباء والعيون" من حولهم ليبلغوه ما ظهر (۱) : أي بدعي " (۲) أي الجبارين (۳) أي المهيأة والمواتية (4) أي وقت . (5) الترصد : الترقب . (6) أي الجواسيس (۴). أقرب

.