صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/22

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

رجل ممتاز

يُوصَفُ عمرُ بالعبقريَّةِ إذا نظرنا إلى أعماله، ويُوصَفُ بها إذا نظرنا إلى تكوينه الذي جعله مستعدًّا لتلك الأعمال، مضطلعًا بتلك القدرة، وإن لم يكن من اللازم اللازب١ أن تقترن القدرة بالعمل الذي تستطيعه، لما يتفق أحيانًا من وقوف العوائق بينها وبين الإنجاز أو الاتجاه إلى ذلك العمل ..

إلا أنَّ عمر كان رجلًا ممتازًا بعمله، ممتازًا بتكوينه، وكان وفاء شرط الامتياز والتفرد في عرف الأقدمين والمحدثين، من المؤمنين بدينه وغير المؤمنين ..

إذا وصفته للأقدمين الذين يقيسون العبقريَّةَ بالفَراسة٢ والخبرة، عرفوا من صفته أنَّ الذي يوصف لهم رجل ممتاز، أو رجل نسيج وحده

وإذا وصفته للمحدثين الذين يقيمون٣ العبقريَّة بالعلم أو مشاهدات العلماء، عرفوا من تلك الصفة أنه رجل ممتاز، أو رجل موهوب

كانت نظرة إليه — قبل السماع بعمل من أعماله — توقع في الروع٤ أنه من معدنٍ في الرجال غيرِ معدن السواد،٥ وأنه جدير بالهيبة والإعظام، خليق أن يحسب له كل حساب.

كان مهيبًا رائع المحضر حتى في حضرة النبي الذي تتطامن عنده الجباه، وأولها جبهة عمر.

أذنَ النبي يومًا لجارية سوداء أن تفي بنذرها «لتضربنَّ بدفها فرحًا أن ردَّه الله سالمًا»، فأذن لها عليه السلام أن تضرب بالدف بين يديه.

ودخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، والصحابة مجتمعون.


  1. الثابت
  2. من التفرس، وهو التثبت وبعد النظر۰
  3. من قوم السلعة : اذا قدر قيمها
  4. العقل والقلب
  5. سواد الناس: عوامهم