صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/5

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

–٦–

ولقد رأى الكاتب أن مفتاح شخصية عمر : " طبيعة الجندي " في صفتها المثلى، وبين أن أهم الخصائص لطبيعة الجندي في صفتها المثلي : الشجاعة والحزم، والصراحة، والخشونة، والغيرة على الشرف، والنجدة . والنخوة، والنظام، والطاعة، وتقدير الواجب، والإيمان بالحق، وحب الإنجاز في حدود التبعات أو المسئوليات...وان هذه الخصائص كلها كانت واضحة في عمر، حتى أنه بمجرد السؤال عن عظيم اتصف بهذه الصفات ياتي الرد : انه عمر.

وعمر في مخالفاته وطاعاته، كانت له مخالفات الجند وطاعاتهم، ولا عجب في هذا، فقد كان فعلا شرطيا لرسول الله - صلی الله عليه وسلم -، وصرح هو نفسه بذلك، حيث قال في احدی خطبه ما فحواء : «..كنت مع رسول الله، فكنت عبده، وخادمه، وجلوازه ( الجلواز : الشرطي ) وكان كما قال الله تعالى :- بالمؤمنين رؤوف رحيم،، و کنت بين يديه كالسيف المسلول، إلا أن يغمدني، أو ينهاني عن أمر فاكف عنه، والا أقدمت على الناس لمكان أمره ...».

و حتى فكاهات عمر نفسها، كانت كفكاهات الجند، فيها طابع الخشونة والحدة.

واستطاع الكاتب أن يبرز كل صفات الجندي المثالي في عمر، بما قدم له من أدلة، وما أتي من برهان.

وتناول الكاتب قصة إسلام عمر، برواياتها المختلفة، مقدما لذلك، بأن أي تغيير يطرأ على الإنسان في شكله، أو زيه، أو وطنه، أو ما إلى ذلك، فهو أمر عادي، أما تغيير معتقده، فهذا أمر يحتاج إلى أسباب وجيهة، ومهيئات عديدة، ذاكرا ان الاسلام بدا يدب في قلب عمر، منذ ان رأی ام عبد الله بنت حثمة، وهي تستعد للهجرة الى الحبشة، فاقترب منها، وقال لها : انه الانطلاق یا ام عبد الله ! قالت : نعم، والله لنخرجن في أرض الله ۰۰۰آذيتمونا، وقهرتمونا.. حتى يجعل الله لنا فرجا، فقال لها في رقة غير معهوذة : صحبكم الله !! .

ثم استعرض اسباب اسلام الكثيرين، وجمع كل هذه الأسباب لعمر، فمن أخذوا - مثلا - ببلاغة القرآن، فأسلموا، فان عمر كان طويل الباع في البلاغة، حسن النقد فيها، هواه منها الصدق، والطبع، وجمال التفصيل، فكان - مثلا - يطرب لقول زهير :

فان الحق مقطعه ثلاث : يمين، أو نفار، أو جلاء.

ويقول كلما أنشده معجبا : ما أحسن ما قسم، وسماه شاعر الشعراء، لانه لا يعاطل بين القوافي، ولا يتبع حواشي الكلام، وربما قضي الليلة ينشد شعره حتى يبرق الفجر، فيقول لجليسه : الان اقرا يا عبد الله !! وقدم الكاتب العديد من الصور الناطقة له بذلك.