صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/9

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

–١٠–

10

وقد سلمنا أن خشونة العيش تحسب له، فهل شدته على النساء كذلك ؟ اثبت الأستاذ العقاد أن شدته على المراة لم تكن الا بقدر مجاوزتها لحدودها ، وهذا أمر طبيعي في الرجال .. معظم الرجال .. فما للمراة من حق تعطاه ، وما ليس لها بحق لا تعطاه ، بل وتذاد عنه .. ومن ذلك - مثلا - أن امرأته تشفعت له في وال مقصّر ، وسالته : فيم وجدت عليه ؟ فالتفت اليها غاضبا ، وقال لها : وفيم انت وهذا ؟؟ والمنصفون يحسبون مثل هذا الموقف لعمر لا على عمر ۰۰ ومع ما عرف عنه من الشدة وخشونة العيش ، فنساؤه اللائي عاشرنه ، قد كلفن بحبه ، ورضين عيشه ، لرضاهن بمودته وعطفه ، وكانت احداهن لا تطیق فراقه ، فاذا خرج مشت معه إلى باب الدار ، فقبلته ، ولم تزل في انتظاره .. وعاتكة بنت زيد - من احدى نسائه - تولهت في رثائه حين قتل ، وقالت فيه شعرا يذوب أسى وحسرة ، ولم يكن بكاؤها عليه كبكاء كل زوجة على كل زوج فقید . واشتهر عمر بالغيرة على المرأة ، وفي ذلك يقول الحبيب محمد - الله عليه وسلم - : « إن الله غيور يحب الغيور ، وإن عمر غیور » .. و کانت غيرته على المرأة شطر من غيرته على كل حرم وحوزة. وكان عمر ابناً باراً .. واباً رحيماً .. وعطونا على الاطفال ۰۰وکان له اجمل الصلات برحمه ، وذويه . ولقد أشار الأستاذ العقاد اشارة لطيفة ، عندما قارن بين تحمل الرسول لتطاول نسائه ، ورفض عمر لهذا التطاول ، فقال : محمد « انسان » عظيم ، وعمر « رجل » عظيم ، والرجل العظيم يرحم المرأة كما يرحمها الجندي في معرض القوة والنضال ، ولكنه يأنف أن يستكين لسلطانها في معرض الهوى والفتنة .. اما الانسان العظيم : فهو يشمل ضعف الانسانية كلها ، ويعطف عليه ومنه ضعف المرأة في غرورها ، واعتزازها بدلال الضعف على القوة ۰۰۰ فهو يرى في تكبر المراة - اذا كانت كبيرة عنده - نوعا من الاعتراف بكبره ، وهو لا يقف معها في ميدان كما يقف كل ذكر وانثي ، لان میدانه يشمل الميدانين مجتمعين : اذ هو ميدان الانسان كله ، والانسانية جمعاء . ومع كل ذلك ، فقد كان للمرأة رأي في عمر ، لا يخرج عن الاحترام والتقدير .. فقد وصفته سيدة نساء العصر ، أم المؤمنين عائشة - رضي عنها بأنه : نسيج وحده .