صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/20

تم التّحقّق من هذه الصفحة.


عبقرية الداعي


اتفقت أحوال العالم إذن على انتظار رسالة ..

واتفقت أحوال محمد على ترشيحه لتلك الرسالة ..

وكان من الممكن أن تتفق أحوال العالم وأحوال محمد، ولا تتفق معها الوسائل التي تؤدَّى بها رسالته على أحسن الوجوه .

كان من الممكن أن ينتظر العالم الرسول، ثم لا يظهر الرسول وكان من الممكن أن يظهر الرسول في البيت الصالح وفي البيئة الصالحة، ثم لا تتهيأ له الصفات التي يتم بها أداء الرسالة .

ولكن الذي اتفق في رسالة محمد قد كان أعجب أعاجيب الاتفاق، وكان المعجزة التي تفوق المعجزات، لأنها مع ضخامتها وتعدد أجزائها وتوافق تلك الأجزاء جميعها، مما يقبله العقل قبولًا سائغا1 بغير عنت2 ولا استكراه.

فكان محمد مستكملا للصفات التي لا غنى عنها في انجاح كل رسالة عظيمة من رسالات التاريخ .

كانت له فصاحة اللسان واللغة ..

وكانت له القدرة على تأليف القلوب وجمع الثقة ..

وكانت له قوة الإيمان بدعوته وغَيرته البالغة على نجاحها ..

وهذه صفات للرسول غير أحوال الرسول .. ولكنها هي التي عليها المدار في تبليغ الرسالة، ولو اتفقت فيما عداها جميع الأحوال.

الفصاحة

فالفصاحة صفة تجتمع للكلام، ولهيئة النطق بالكلام،


  1. سهلا
  2. العنت، الوقوع في أمر شاق
٢٠