صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/34

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

على أرواحهم وأرزاقهم وأعراضهم، وكانت جميعها مباحة لكل غاصب من ذوي الأمر والجاه. فإذا قيل إن المدعوِّين إلى الإسلام لم يقتنعوا بفضله سابقين، فلا ينفي هذا القول أنهم اقتنعوا به متأخرين .. وأن الاسلام مقنع لمن يختار ويحسن الاختيار، إلى جانب قدرته على إكراه من يركب رأسه ويقف في طريق الإصلاح .

ومن نظر إلى الإقناع العقلي، تساوى لديه من يستميلك إلى العقيدة بتوزيع الدواء والطعام، أو بتربية الأطفال عليها وهم لا يعقلون، ومن يستميلك إليها بالخوف من الحاكم.. على فرض أن خوف الحاكم كان ذريعة 1 من ذرائع نشر الإسلام.

فالشاهد الذي تطعمه وتكسوه ليقول قولك في إحدى القضايا، كالشاهد الذي ينظر إلى السوط في يديك فيقول ذلك القول.. كلاهما لا يأخذ بإقناع الدليل ولا بنفاذ 2 الحجة، ولا يدفع عن عقيدة دفع العارف البصير ..

وصفوة ما تقدم أن الإسلام لم يوجب القتال إلا حيث أوجبته جميع الشرائع، وسوغته جميع الحقوق، وأن الذين خاطبهم بالسيف قد خاطبتهم الأديان الأخرى بالسيف كذلك.. إلا أن يحال بينها وبين انقضائه 3، أو تبطل عندها الحاجة إلى دعوة الغرباء إلى أديانها.. وأن الإسلام عقيدة ونظام، وهو من حيث النظام شأنه كشأن كل نظام في أخذ الناس بالطاعة ومنعهم أن يخرجوا عليه ..

القائد البصير

لم يكن الإسلام إذن دين قتال، ولم يكن النبي رجلا مقاتلا يطلب الحرب للحرب، أو يطلبها وله مندوحة 4عنها، ولكنه مع هذا كان نعم القائد البصير إذا وجبت الحرب ودعته إليها المصلحة اللازمة.. يعلم من فنونها بالإلهام ما لم يعلمه غيره بالدرس والمرانة، ويصيب في اختيار وقته وتسيير جيشه، وترسيم خططه إصابة التوفيق وإصابة الحساب وإصابة


  1. سببا ووسيلة
  2. قوة وقطع
  3. انقضى سيفه، سله
  4. سعة
٣٤