صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/46

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

فردية عرضية، ولم تعلن الحرب توا1 لأنها تبيت النيـة لاعلانها بعد حين.. ولكنها أثارت مسألة تشريع عام في قتال الشهر الحرام، فوجب أن ينص الاسلام على هذا التشريع صريحا لا لبس فيه، وهذا الذي كان. ليست المسألة أن عبد الله بن جحش قد خالف أمر النبي، فهذا أمر مفروغ منه ولا محل للبحث فيه. إنما المسألة : ما هي الحكم بعد الآن في قتال الأشهر الحرم؟.

وماذا يبلغ من حق المشركين في الاحتماء بحرمة هذه الأشهر اذا كانوا لا يرعون للمسلمين حرمة ولا يزالون يقاتلونهم ويردو نهم عن دينهم ما استطاعوا؟ وما الجواب على تشهير قريش واحتجاجها بالحرمات التي لا ترعاها ؟..

هذا هو الحكم الذي وجب أن يعلنه الاسلام، وقد أعلنه على الوجه الذي دانت به الشرائع الحديثة في علاقاتها الحربية ولا تزال تدین به حتى اليوم، فهناك حرمات دولية اذا خالفتها احدى الدول بطل احتماؤها بها وأحل لغيرها أن يخالفها كما خالفتها، أو يتخذ من القصاص ما يردع الشر ويعوض الخسارة ، والا كانت الحرمات درعا2 للمعتدين ولم تكن مانعا لهم وسدا في وجوههم كما أريد بها أن تكون.

* * *

واليوم تنقطع العلاقة بين دولتين في حالة حرب أو جفاء فيجوز لكلتيهما أن تحجز ما عندها من أموال الدولة الأخرى ، وأن تأسر الذين في بلادها من رعاياها، ويجوز لها أن تجعل تلك الأموال ضمانا لسداد المغارم التي تنزل بها وبأبنائها، وأن تتخذ مـن المعتقلين رهائن تعاملهم بمثل ما يعامل به المعتقلون من أبنائها، في سجون الدولة الأخرى.

فالذي حدث بعد سرية عبد الله بن جعش هو هذا بعينه، وهو حكم القانون الدولي المتفق عليه: أسيران بأسيرين، وأموال العير بالأموال التي حجزتها قريش للمسلمين. ولا محل لضجة الناقدين من المبشرين والمتعصبين في تعقيبهم على هذا الحادث المألوف أو على حكم النبي والاسلام فيه. فان أصحاب هـذه


  1. في الحال
  2. اي وقاية
٤٦