صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/50

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

أو إلى أشكالها وأحجامها، لأننا إذا نظرنا إلى الظواهر فلا معنی اذن للمقارنة على الاطلاق اذ من المقطوع به آن عشرة ملايين يجتمعون في ميدان واحد أضخم من عشرة آلاف، وان حربا تدار بالمذياع والتليفون أعجب من حرب تدار بالفم والاشارة، وان نقل الجنود بالطائرات والدبابات أبرع من نقلهم على ظهور الخيل والابل، وان المدفع أمضى1 من السيف ، والرصاصة أمضى من السهم. فلا معنى اذن لمقارنة بالظواهر تنتهي الى نتيجة واحدة.. هي استضخام الحرب الحديثة والنظر الى القيادة الغابرة كأنها شيء صغير الى جانب القيادة التي توجه هذه الضخامة. لكننا اذا نظرنا إلى فكرة القائد، أمكننا أن نعرف كيف أن توجيه ألف رجل قد تدل على براعة في القيادة لا تراها في توجيه مليون.. بينهم الراجل و الراكب، ومنهم من يركبون كل ما يركب من مخلوقات حية وآلات مخترعة.

* * *

وهذه الفكرة التي تربينا محمدا عليه السلام قائدا حربيا بين أهل زمانه بغير نظير في رأيه، وفي الانتفاع بمشورة صحبه، وتبرز لنا قدرته النادرة بين قادة العصور المختلفة في توجيه كل ما يتوجه على يدي قائد من قوى الرأي والسلاح والكلام.

وهذه القدرة هي شهادة كبرى لرسول تأتي من طريق الشهادة للقائد الخبير بفنون القتال..


فمن كانت عنده هذه الأداة النافذة فاقتصر بها على الدفاع واكتفى منها بالضروري الذي لا محيص عنه2، فذلك هو الرسول الذي تغلب فيه الرسالة على القيادة العسكرية، ولا يلجأ الى هذه القيادة الا حين توجبها رسالة الهداية

ويزيد هذه الشهادة عظما أن الرجل الذي يجتنب القتال في غير ضرورة رجل شجاع غير هياب..

شجاع وليس كبعض الهداة المصلحين الذين تجوز فيهم فضيلة الطيبة على فضيلة الشجاعة، فيحجمون عن القتال لأنهم ليسوا بأهل قتال..


  1. أنفذ
  2. لا مهرب ولا مفر منه
٥٠